حاشية السيوطي على سنن النسائي

جلال الدین سیوطی d. 911 AH
136

حاشية السيوطي على سنن النسائي

حاشية السيوطي على سنن النسائي

پژوهشگر

عبد الفتاح أبو غدة

ناشر

مكتب المطبوعات الإسلامية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۶ ه.ق

محل انتشار

حلب

ژانرها

علوم حدیث
أعدائي وَأعْطيت الشَّفَاعَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي إِرَاحَةِ النَّاسِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيمَا يَسْأَلُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ فِي خُرُوجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذِهِ مُرَادَةٌ مَعَ الأولى وَقد وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ فَأَخَّرْتُهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ لِمَنْ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّفَاعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْرَاجُ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ إِلَّا التَّوْحِيدَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ أَيْضًا بِالشَّفَاعَةِ الْأُولَى لَكِنْ جَاءَ التَّنْوِيهُ بِذِكْرِ هَذِهِ لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَطْلُوبِ مِنْ تِلْكَ لِاقْتِضَائِهَا الرَّاحَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا زَاد فِي رِوَايَة بن عُمَرَ وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُمُ الصَّلَوَاتُ فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالصَّوَامِعِ وَطَهُورًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قومه خَاصَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ نُوحًا كَانَ مَبْعُوثًا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَعْثَتِهِ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ بِالْحَادِثِ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ انْحِصَارُ الْخَلْقِ فِي الْمَوْجُودِينَ بَعْدَ هَلَاكِ سَائِرِ النَّاسِ وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَعُمُومُ رِسَالَتِهِ مِنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ فَإِنْ قِيلَ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ بَعْثَةِ نُوحٍ كَوْنُهُ دَعَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِي الْأَرْضِ فَأُهْلِكُوا بِالْغَرَقِ إِلَّا أَهْلَ السَّفِينَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ لَمَا أُهْلِكُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ دُعَاءَهُ قَوْمَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ بَلَغَ سَائِرَ النَّاسِ لِطُولِ مُدَّتِهِ فَتَمَادَوْا عَلَى الشِّرْكِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ ذكره بن عَطِيَّة وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوْحِيدُ عَامًّا فِي بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ فُرُوعِ شَرِيعَتِهِ لَيْسَ عَامًّا لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ قَوْمِهِ عَلَى الشِّرْكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ التَّوْحِيدُ لَازِمًا لَهُمْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ إِرْسَالِ نُوحٍ إِلَّا قَوْمَ نُوحٍ فَبَعْثَتُهُ خَاصَّةٌ لِكَوْنِهَا إِلَى قَوْمِهِ فَقَطْ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمْ لَكِنْ لَوِ اتَّفَقَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ وَيَأْمُرُ بِالْإِسْلَامِ كَبِلْقِيسَ وَغَيْرِهَا وَيُهَدِّدُهُمْ بِالْقِتَالِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ مَعَ أَنَّهُ مَا أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي رِسَالَتِهِمْ خَاصَّةً أَيْ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ أَمَّا فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَهُمْ مَأْمُورُونَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا التَّهْدِيدُ بِالْقِتَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاجِبِ فِي بَادِئِ الرَّأْي فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ بَلِ الْعِقَابُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَأَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ بِالْقِتَالِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَلَا يَلْزَمُ اللُّبْسُ لِحُصُولِ الْفَرْقِ بِالْعِقَابِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْخَصْلَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لِنَبِيٍّ قَبْلِي وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدا وَطهُورًا خصْلَة وَاحِدَة لتعلقها بِالْأَرْضِ

1 / 211