حاشية السندي على سنن ابن ماجه

محمد بن عبد الهادی نورالدین سندی d. 1138 AH
87

حاشية السندي على سنن ابن ماجه

حاشية السندي على سنن ابن ماجه

ناشر

دار الجيل

محل انتشار

بيروت

ژانرها

علوم حدیث
كَيْفِيَّةَ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبَسْطِ قَوْلُهُ (أَسَاقِطٌ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَالْحَقُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ كُلُّ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى كَالنَّفْسِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ وَالْأُصْبُعِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالضَّحِكِ وَالْفَرَحِ فَهَذِهِ وَنَظَائِرُهَا صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى ﷿ وَرَدَ بِهَا السَّمْعُ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَإِبْقَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مُعْرِضًا فِيهَا عَنِ التَّأْوِيلِ مُجْتَنِبًا عَنِ التَّشْبِيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْبَارِيَ ﷾ لَا يُشْبِهُ مِنْ صِفَاتِهِ صِفَاتُ الْخَلْقِ كَمَا لَا تُشْبِهُ ذَاتُهُ ذَوَاتِ الْخَلْقِ قَالَ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] وَعَلَى هَذَا مَضَى سَلَفُ الْأُمَّةِ وَعُلَمَاءُ السُّنَّةِ تَلْقَوْهَا جَمِيعًا بِالْقَبُولِ وَتَجَنَّبُوا فِيهَا عَنِ التَّمْثِيلِ وَالتَّأْوِيلِ وَوَكَّلُوا الْعِلْمَ فِيهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ فَقَالَ ﷿ ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ ﷾ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلَّا اللَّهُ ﷿ وَرُسُلُهُ وَسَأَلَ رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] كَيْفَ اسْتَوَى فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَمَا أَرَاكَ إِلَّا ضَالًّا وَأُمِرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَجْلِسِ وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَمَالِكًا عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ فَقَالَ أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَلَى اللَّهِ الْبَيَانُ ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [النور: ٥٤] وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ قَدْمُ الْإِسْلَامِ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى قَنْطَرَةِ التَّسْلِيمِ انْتَهَى وَبِنَحْوِ هَذَا صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فَعَلَيْكَ بِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
١٩٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ قَالَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ــ قَوْلُهُ (أَقَامَهُ) أَيْ عَلَى الْحَقِّ قَوْلُهُ (أَزَاغَهُ) أَيْ عَنْهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1 / 88