Hashiyat al-Dasuqi ala al-Sharh al-Kabir

محمد بن عرفة الدسوقی d. 1230 AH
13

Hashiyat al-Dasuqi ala al-Sharh al-Kabir

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

ناشر

دار الفكر

شماره نسخه

الأولى

محل انتشار

بيروت

ژانرها

فقه مالکی
وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْحَالَةَ مَعَ دُخُولِهَا فِيمَا قَبْلَهَا لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ لِلُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا. وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ ﵊ هُوَ الْوَاسِطَةَ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ وَصَلَتْ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سِيَّمَا عِلْمُ الشَّرَائِعِ وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى مَوْلَى النِّعَمِ فَقَالَ (وَالصَّلَاةُ) هِيَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى النِّعْمَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالتَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الرَّحْمَةِ وَلِذَا لَا تُطْلَبُ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ إلَّا تَبَعًا، وَمِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَالسَّلَامُ) أَيْ التَّحِيَّةُ ــ [حاشية الدسوقي] اعْلَمْ أَنَّ الرَّمْسَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ رَمَسَتْ الرِّيحُ الْأَرْضَ بِالتُّرَابِ إذَا سَتَرَتْهُ بِهِ فَهُوَ سَتْرُ الْأَرْضِ بِالتُّرَابِ ثُمَّ نُقِلَ لِتُرَابِ الْقَبْرِ ثُمَّ لِلْقَبْرِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ رَمْسًا؛ لِأَنَّهُ يُرْمَسُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ يُغَيَّبُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ وَمَا النُّكْتَةُ هُنَا (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ لِلُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ فِيهَا) أَيْ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ لِلرِّفْقِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُلِمَّاتِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَالَةِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوَاسِطَةَ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ وَصَلَتْ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ) أَيْ حَتَّى الْهِدَايَةِ لِلْإِسْلَامِ أَيْ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ النِّعَمِ فَهِيَ إنَّمَا حَصَلَتْ لَنَا بِبَرَكَتِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا سِيَّمَا عِلْمَ الشَّرَائِعِ) أَيْ خُصُوصًا عِلْمَ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ وُصُولَهُ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى يَدَيْهِ وَبِوَاسِطَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَأَصْلُ سِيَّ سِيْوَ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَسِيُّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ فَمَعْنَى لَا سِيَّمَا زَيْدٌ لَا مِثْلَ زَيْدٍ فَإِذَا قِيلَ أُحِبُّ الْعُلَمَاءَ لَا سِيَّمَا زَيْدٌ فَمَعْنَاهُ لَا مِثْلَ زَيْدٍ بَلْ مَحَبَّةُ زَيْدٍ أَكْثَرُ مِنْ مَحَبَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَزِمَتْهَا لَا النَّافِيَةُ وَالْوَاوُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهَا فَاسْتِعْمَالُهَا بِدُونِ لَا أَوْ بِدُونِ وَاوٍ قَلِيلٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا بَعْدَهَا إنْ كَانَ مَعْرِفَةً كَمَا هُنَا جَازَ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ صَدْرُ الصِّلَةِ وَفَتْحَةُ سِيَّ فَتْحَةُ إعْرَابٍ لِإِضَافَتِهَا لِمَا الْمَوْصُولَةِ، وَجَازَ فِيهِ الْجَرُّ عَلَى أَنَّ مَا زَائِدَةٌ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَجَازَ فِيهِ النَّصْبُ عَلَى أَنَّ مَا بِمَعْنَى شَيْءٌ وَالْمَعْرِفَةُ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ لَا تَمْيِيزَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَمَنَعَ النَّصْبَ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَاجِبُ التَّنْكِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهَا نَكِرَةٌ كَمَا فِي وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جَلْجَلَ جَازَ فِي النَّكِرَةِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ لَكِنَّ النَّصْبَ عَلَى التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ تَأَكَّدَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَيَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا لِزَمَنِ التَّأْلِيفِ وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ تَجِبُ فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ يَعْقُبُهُ سَلَامٌ وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّهَا تَجِبُ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَبِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّبْجِيلِ) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الرَّحْمَةِ أَيْ أَقَلُّ إفْرَادًا مِنْهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَقْرُونَةً بِتَعْظِيمٍ أَوْ لَا، وَعَلَى هَذَا فَعَطْفُ الرَّحْمَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهَا أَخَصَّ (قَوْلُهُ: لَا تُطْلَبُ) أَيْ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إلَّا تَبَعًا) أَيْ لِطَلَبِهَا لِلْمَعْصُومِ وَطَلَبِهَا لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ اسْتِقْلَالًا قِيلَ حَرَامٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ إنْسًا أَوْ جِنًّا أَوْ مَلَكًا (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ: بِاسْتِغْفَارٍ أَيْ كَانَ الدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّحِيَّةُ)

1 / 14