حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
أي نخلا طوالا ثم البستان لما فيه من الأشجار المتكاثفة المظللة ثم دار الثواب لما فيها من الجنان. وقيل: سميت بذلك لأنه ستر في الدنيا ما أعد فيها للبشر من أفنان النعم. كما قال سبحانه وتعالى: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين [السجدة: 17] وجمعها وتنكيرها لأن الجنان على ما ذكره ابن عباس سبع: جنة الفردوس وجنة عدن وجنة النعيم ودار الخلد وجنة المأوى ودار السلام وعليون، وفي كل واحدة منها مراتب ودرجات متفاوتة على حسب تفاوت الأعمال والعمال. واللام في لهم تدل على استحقاقهم إياها لأجل ما ترتب عليه من الإيمان والعمل الصالح لا لذاته فإنه لا يكافىء النعم السابقة فضلا عن أن يقتضي ثوابا وجزاء فيما يستقبل بل يجعل الشارع ومقتضى وعده تعالى، ولا على الإطلاق بل بشرط أن يستمر عليه حتى يموت وهو مؤمن لقوله تعالى: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم [البقرة: 217] وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: لئن أشركت ليحبطن عملك [الزمر: 65] وأشباه ذلك ولعله سبحانه وتعالى لم يقيد ههنا استغناء بها.
وأورد بيت زهير شاهدا على أن الأشجار المظللة تسمى جنة وصف عينيه بكثرة الدموع وتتابعها وبالغ فيه حيث اختار الغرب وهو الدلو العظيم ينزح به الماء من البئر بالنواضح وهي جمع ناضحة وهي الناقة التي يستقي بها، وثنى الغرب إشعارا بدوام انسكاب بتعاقبهما في المجيء والذهاب إذ لا يزال يصب واحدا منهما ويرسل الآخر. وذكر المقتلة وهي الناقلة المذللة التي استمرت وتمرنت على هذا العمل لأنها تخرج الدلو من البئر ملآن بخلاف الصعبة فإنها تنفر فيسيل الماء من نواحي الغرب. وأورد الجنة الدالة على كثرة الأشجار المفتقرة إلى مياه كثيرة خصوصا النخل من بينها فإنها أحوج الأشجار إلى الماء، وأراد بالجنة النخل بقرينة وصفها بقوله: «سحقا» وهو جمع سحوق وهو من النخل الطويل وخص السحق بالذكر لأن الطوال منها أحوج إلى الماء من القصار. وكان الظاهر أن يجعل عينيه غربين ويقول: كأن عيني غربا مقتلة إلا أنه جعلهما في غربين كناية عن معنى لطيف وهو ادعاء أن ما ينصب من الغربين منصب من عينيه. قوله: (ثم البستان) عطف على قوله: «الشجر المظلل» وكذا قوله: «ثم دار الثواب لما فيها من الجنان» أي البساتين المشتملة على الأشجار المتكاثفة المظللة وتسمية كل واحد من البستان ودار الثواب بالجنة من قبيل تسمية المحل باسم ما حل فيه، فإن الأشجار حالة في البستان والبساتين حالة في دار الثواب. وقيل:
سميت دار الثواب بالجنة لأنه قد ستر في الدنيا ما أعد فيها للبشر. والأفنان جمع فن بمعنى النوع. قوله: (وجمعها وتنكيرها) جواب عما يقال: إن الجنة اسم لدار الثواب كلها وهي دار واحدة فما معنى جمعها وتنكيرها؟ وتقرير الجواب أن الجنة وإن كان اسما لدار الثواب كلها
صفحه ۴۲۲