411

حاشیه بر تفسیر بیضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

ژانرها

خاطب الكفرة تفخيما لشأنهم وإيذانا بأنهم أحقاء بأن يبشروا ويهنأوا بما أعد لهم. وقرىء وبشر على البناء للمفعول عطفا على أعدت يكون استينافا. والبشارة الخبر السار فإنه يظهر أثر السرور في البشرة ولذلك قال الفقهاء. البشارة هي الخبر الأول حتى لو قال الرجل لعبيده: من بشرني بقدوم ولدي فهو حر، فأخبروه فرادى عتق أولهم، ولو قال: من قدر متعلقهما، والثانية الإيذان بأنهم أحقاء بأن يبشرهم غيرهم. وأشار في ضمن الجواب إلى أنه لم يعين أن المخاطب بهذا الخطاب من هو تكثيرا للفائدة أو يمكن حينئذ أن يحمل الكلام على كل واحد من الاحتمالات الثلاثة وهي أن يكون المأمور هو الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لما هو المتبادر من الخطابات الواقعة في القرآن أو عالم كل عصر، لأن بيان الأحكام وتبليغ الوعد والوعيد بطريق الخلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مختص بالعلماء الذين هم ورثة الأنبياء أو كل أحد يقدر على البشارة. وهذا الوجه أحسن وأجزل لأنه يؤذن أن الأمر لفخامته وعلو شأنه حقيق لأن يبشر به كل من يقدر على البشارة كما هو شأن الأمور العظام. وقرأ زيد بن علي رضي الله عنه «وبشر» على لفظ المبني للمفعول عطفا على «أعدت» فعلى هذه القراءة تعين أن يكون أعدت جملة مستأنفة ولا يجوز كونها حالا لأنها لو كانت حالا من النار وكان قوله: وبشر الذين آمنوا عطفا عليها لكان أيضا حالا منها، ولا وجه له إذ لا يمكن أن يكون مضمون جملة وبشر بيانا لهيئة النار. وفي الصحاح: البشرة والبشر ظاهر جلد الإنسان، وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها، وبشرت الرجل أبشره بالضم بشرا من البشرى وكذلك الإبشار والتبشير ففيه ثلاث لغات. والاسم البشارة والبشارة بالكسر والضم، ويقال:

بشرته بمولود فأبشر إبشارا أي سر، وبشرت بكذا بالكسر أبشر أي استبشرت به، وأتاني أمر بشرت به أي سررت به إلى هنا كلام الجوهري. جعل لفظ البشارة اسما للخبر السار لكونه سببا لظهور أثر السرور في البشرة، فإن النفس إذا سرت انتشر الدم في الأعضاء انتشار الماء في الشجرة فتنبسط بشرة الوجه. وروي عن سيبويه أنه قال: أول بشرة تتغير بشرة الوجه من خير أو شر. واستشهد بقوله:

يبشرني الغراب ببين أهلي ... فقلت له ثكلتك من بشير

أي فقدتك، استعمله في مطلق الفقد. والثكل في الأصل فقدان المرأة ولدها يقال:

ثكلته أمه أي فقدته، والمشهور استعمالها في الخير. ولذلك فسرها المصنف بالخبر السار ولما كان ما يفيد السرور من الأخبار المسموعة على التعاقب أولها. قيل: إذا قال لعبيدة:

أيكم بشرني بقدوم ولدي فهو حر فبشروه فرادى عتق الأول، لأنه هو الذي أظهر بخبره سروره دون الباقين. قوله: (فرادى) أشار إلى أنهم لو أخبروه معا عتقوا كلهم لأنهم جميعا أظهروا سروره. ولو قال بدل «بشرني» «أخبرني» عتقوا جميعا لأنهم أخبروه وإن كان

صفحه ۴۱۷