382

حاشیه بر تفسیر بیضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

ژانرها

بالسماء والعقل بالماء. وما أفاض تعالى عليه من الفضائل العملية والنظرية المحصلة بواسطة استعمال العقل للحواس وازدواج القوى النفسانية والبدنية بالثمرات المتولدة من ازدواج القوى السماوية الفاعلة والأرضية المنفعلة بقدرة الفاعل المختار فإن لكل آية ظهرا وبطنا ولكل حد مطلعا.

وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة لما قرر وحدانيته تعالى وبين الطريق الموصل إلى العلم بها ذكر عقيبه ما هو الحجة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم للحواس. قوله: (فإن لكل آية ظهرا وبطنا ولكل حد مطلعا) إشارة إلى ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منه ظهر وبطن لكل واحد مطلع». واختلف العلماء في معنى الحديث: فقيل: المراد بسبعة أحرف اللغات السبع المشهود لها وهي لغة قريش وهذيل وهوازن واليمن وبني تميم ودوس وبني الحارث. وقيل: المراد أنه أنزل مشتملا على سبعة معان الأمر والنهي والقصص والأمثال والوعد والوعيد والموعظة. وقيل: المعاني السبعة هي العقايد والأحكام والأخلاق والقصص والأمثال والوعد والوعيد. ثم قيل: ظهر الآية لفظها المتلو وبطنها معناها الذي يفهم منه. وقيل: ظهر هاما ظهر منها من المعنى الجلي المكشوف وبطنها ما خفي من معناها ويكون سرا بين الله تعالى وبين المصطفين من أوليائه. ولكل حد مطلع أي ولكل طرف من الظهر والبطن موضع إطلاع فمطلع الظاهر تعلم العربية والتمرن فيها وتتبع ما يتوقف عليه معرفة الظاهر من إثبات النزول والناسخ والمنسوخ وغير ذلك، ومطلع الباطن تصفية النفس والرياضة بإتعاب الجوارح في اتباع الظاهر والعمل بمقتضاه كما قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل بما علم ورثه الله تعالى علم ما لا يعلم».

قوله: (لما قرر وحدانيته تعالى) أي قررها بقوله: فلا تجعلوا لله أندادا وبين الطريق الموصل إلى العلم بما يتفرع النهي المذكور على ما ذكره لبيان ربوبيته أنه خالقهم وخالق أصولهم وما يحتاجون إليه في معاشهم من المظلة والمقلة والمطاعم والملابس، فإن خلق هذه الأمور التي لا يقدر عليها غيره تعالى شاهد على وحدانيته تعالى، فإن تفريع النهي المذكور على ما ذكر من دلائل الأنفس والآفاق أعني خلقهم وخلق الأرض والسماء وما بينهما بيان للطريق الموصل إلى العلم بواحدانيته تعالى. ولما كان أول ما يجب على المكلف معرفة الله تعالى ووحدانيته ومعرفة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الطريق إلى معرفته تعالى ذكر عقيبه ما يوصل إلى العلم بنبوته عليه الصلاة والسلام وهو القرآن المعجز بفصاحته وإفحامه من طولب بمعارضته إلا أنهم لقصور نظرهم لم يتفطنوا لإعجازه وقالوا: إنه مختلق مفتري ويبعد كونه كلام الله تعالى لأنه لو كان من عند الله تعالى لأنزل جملة واحدة مخالفا لما

صفحه ۳۸۸