عنده إلى ما هو نفس المسمى وإلى ما هو غيره وإلى ما ليس هو ولا غيره. وإنما قال:
بسم الله ولم يقل بالله لأن التبرك والاستعانة بذكر اسمه، أو للفرق بين اليمين والتيمن.
تسعة وتسعين اسما، وعدت منها الأسماء الدالة على الصفات القديمة فاختلافهم كاختلافهم في أن الاسم هل هو نفس المسمى أو غيره؟ إن أرادوا به أن لفظ الفرس مثلا هل نفس الحيوان المخصوص أو غيره؟ فهو لغو من الكلام إذ لا يشك عاقل في أنه غيره وإن أرادوا بالاسم مدلوله الذي هو الذات من حيث هو هي وقالوا: مدلول لفظ الفرس هل هو نفس الحيوان المخصوص وذاته أو غيره؟ فلا وجه للخلاف فيه إذ لا يشك عاقل في أنه عينه والاختلاف بمنزلة أن يقال ذات ذلك الحيوان هل هو عينه أو غيره؟ وإن أرادوا بالاسم الذي هو محل النزاع ما يدل على صفة حقيقية قديمة قائمة بذات الله تعالى وأطلقوا عليه لفظ الصفة باعتبار دلالته عليها لا يكون ترديدهم في أنه هل هو عين المسمى أو غيره؟ حاصر التحقق. احتمال ثالث وهو أنه ليس عين المسمى ولا غيره وهذا الاحتمال هو الحق عند الشيخ أبي الحسن فإن صفات الذات ليست عين الذات ولا غيرها بخلاف صفات الأفعال فإنها غير الذات لجواز انفكاكها عنها، وصفات الأفعال ما يجوز أن يوصف تعالى بضدها كالهداية والإضلال والرضى والسخط فإنه تعالى يهدي من يشاء هدايته ويضل من يشاء ويعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويرضى بالإيمان ولا يرضى بالكفر. قوله: (وإنما قال: بسم الله ولم يقل بالله) يعني أن القارىء حال شروعه في القراءة لا بد أن يكون ملابسا باسمه تعالى على وجه التبرك به أو مستعينا بذاته تعالى، وفي كون قراءته معتدا بها شرعا وكل واحد منهما يحصل بأن يقال بالله الرحمن الرحيم فلم قيل بسم الله؟ فأجاب عن ذلك بأنا لا نسلم أن كل واحد منهما يحصل بأن يقال بالله لأن كون الفعل مصدرا باسم الله تعالى يقع على وجهين: أحدهما أن يذكر اسم خاص من أسمائه تعالى كلفظ الله مثلا، وثانيهما أن يذكر لفظ يدل على اسمه كما في نظم البسملة فإن لفظ اسم مضافا إلى الله تعالى ذكر لاسمه تعالى لا بخصوصه بل على وجه يتناول أي اسم كان فمن قال حال شروعه في القراءة: بسم الله أو بالله يصدق عليه أنه ملابسه بسم الله على وجه التبرك به، وكذا الاستعانة به تعالى إنما تكون بذكر اسمه تعالى إما بخصوصه أو على وجه الإطلاق والعموم لكن هذا الوجه في تحصيلهما أولى تعظيما وتبجيلا لأن غاية ما يمكن للعبد من الملابسة باسمه تعالى أو من الاستعانة بذاته إنما تكون بذكر اسمه. قوله: (أو للفرق بين اليمين والتيمن) بأن قوله بالله اقرأ يحتمل أن يكون على قصد اليمين وعلى قصد التيمن بذكر الله تعالى، وإذا قال: باسم الله تعين كونه بقصد التيمن والتبرك لأن باء القسم إنما تدخل على اسم من أسماء الله تعالى أو على صفة من صفاته ولا تدخل على لفظ الاسم.
صفحه ۴۳