362

حاشیه بر تفسیر بیضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

ژانرها

لاعترافهم به كما قال: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [الزخرف: 87] ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله [لقمان: 25] أو لتمكنهم من العلم به بأدنى نظر. وقرىء من قبلكم على إقحام الموصول الثاني بين الأول وصلته تأكيدا للموصوف عند المخاطب مقررا عنده ولهذا قالوا: الأخبار بعد العلم بها أوصاف والأوصاف قبل العلم بها أخبار. وكون المخاطب الذي هو فرق المكلفين عالما بالحكم المذكور محل تأمل لدخول المشركين في الخطاب، وعلمهم بأنه تعالى هو الذي خلقهم ومن قبلهم غير ظاهر بين وجه إخراجها مخرج المعلوم بأن المسلمين لا شك أنهم كانوا يعلمون ذلك وكذا الكفار من العرب فإنهم يعترفون بوحدة الخالق. وإنما قالوا بالاشتراك في استحقاق العبادة كما قال تعالى: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [الزخرف: 87] والاعتراف بأنه تعالى هو الذي خلقهم يستلزم الاعتراف بأنه خالق من قبلهم أيضا لأن طريق العلم بذلك واحد فيهما فيكون إخراجها مخرج المعلوم إخراجا للكلام على مقتضى الظاهر. وإن كان من الكفرة من لا يعلم أن الله تعالى خالقه وخالق من قبله فلا شك أنه متمكن من العلم به بأدنى نظر وقادر عليه، فنزل تمكنه منه وقدرته عليه منزلة حصوله، فلذلك أخرجت الجملة المذكورة مخرج المعلوم إخراجا على مقتضى الظاهر. فإن العالم كما ينزل منزلة الجاهل لعدم جريه على مقتضى العلم فيلقى إليه الكلام كما يلقى إلى الجاهل كذلك ينزل غير العالم منزلة العالم لوضوح الدليل القائم فيلقي إليه الكلام كما يلقي إلى العالم قوله: (وقرىء من قبلكم) أي وقرىء والذين من قبلكم بفتح الميم في «من» على أنها موصولة ولما كان فيها نوع إشكال لاستلزامها اجتماع موصولين على صلة واحدة والموصول الثاني مع صلته مفردة فلا يصلح أن يكون صلة للأول وإن كانت الصلة المذكورة صلة للأول لا يبقى للموصول الثاني صلة. وقد تقرر أن الموصول لا يتم جزءا من الكلام إلا بصلة وعائد، أشار المصنف إلى توجيهها بأن جعل الصلة المذكورة صلة للموصول الأول ولا صلة للثاني لأنه تأكيد للأول لكن يرد عليه أن التأكيد إن حمل على المصطلح فإن كان لفظيا وجب كونه بإعادة اللفظ الأول كما في قول جرير، وإن كان معنويا كان بألفاظ مخصوصة مع أن النحاة قد نصوا على امتناع تأكيد الموصول قبل تمامه بصلته، وإن حمل على غير المصطلح احتيج إلى بيان وجه اجتماع الموصولين. وغاية ما يتحمل فيه أنه تأكيد لفظي إلا أنه عدل عن اللفظ الأول إلى ما هو بمعناه احترازا عن بشاعة التكرار كما هو مذهب الأخفش في: ما أن زيد قائم. ويحتمل ذلك في قول الشاعر:

فصيروا مثل كعصف مأكول

وإن كان المشهور في أمثال ذلك الحكم بالزيادة دون التأكيد. ومن ثمة قيل: الأولى

صفحه ۳۶۸