حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
المقصود. وأقحمت بينهما ها التنبيه تأكيدا وتعويضا عما يستحقه أي من المضاف إليه وإنما كثر النداء على هذه الطريقة في القرآن لاستقلاله بأوجه من التأكيد. وكل ما نادى الله له عباده من حيث إنها أمور عظام من حقها أن يتفطنوا لها ويقبلوا بقلوبهم عليها المقصود بالنداء يعني أن كلمة «أي» وإن كانت في الحقيقة وصلة إلى نداء المعرف باللام وكان المقصود بالنداء هو المعرف باللام إلا أنها لما وليها حرف النداء أعطي لها حكم المنادى حيث بنيت على الضم، ثم إنها لما قطعت عن الإضافة عادت اسما مبهما مفتقرا إلى ما يوضحها ويزيل أبهامها فلذلك أجرى عليها المقصود بالنداء حال كونه وصفا موضحا لها فاستحقت عليه النداء بهذا الطريق، واتضح المقصود بالنداء فكان قولنا: يا أيها الرجل بمنزلة «يا رجل»، ولما ورد أن يقال إن كلمة «أي» لما أعطي لها حكم المنادى ومحله فلم التزم رفع المقصود بالنداء؟ أجاب عنه بقوله: «والتزم رفعه إشعارا بأنه المقصود» بالنداء فإنه لما التزم فيه ما هو حق المنادى المفرد المعرفة مع كون الظاهر جواز الأمرين أشعر ذلك بأنه المقصود بالنداء. والإقحام إدخال شيء في شيء بشدة وعنف، وأشار بذكره إلى أن ما بين الصفة والموصوف ليس موضع تخلل شيء أجنبي وتخصيص «ها» التنبيه بذلك للمناسبة بينها وبين النداء، لأن النداء أيضا تنبيه وإيقاظ للمنادى فصحت مؤكدة للنداء. و «أي» اسم حقه أن يضاف إلى متعدد لفظا نحو: أيهما وأيهم أو معنى نحو: أي رجل يأتيني. قوله: (وإنما كثر النداء على هذه الطريقة) وهي أن يجعل حرف النداء لفظ «يا» الموضوعة لنداء البعيد وأن يجعل المنادى مبهما موصوفا باسم جنس كشفا وبيانا له، وأن يقحم «ها» التنبيه زيادة إيقاظ للمنادى لاستقلال النداء على هذه الطريقة بأوجه من التأكيد وهو أن اختيار لفظ البعيد في نداء القريب يؤكد الحث على المدعو له ويقويه، وكذلك حرف التنبيه يؤكد معنى حرف النداء وهو تنبيه المنادى وأيقاظه. وأن المجيء «بأي» ثم بصفته الموضحة يتضمن أمرين كل واحد منهما يفيد تأكيد المنادى وتقريره الأول تكرير ذكر المنادى حيث ذكر أولا مبهما وثانيا مفصلا، والثاني تدرج الكلام من الإبهام إلى التوضيح ومن الإجمال إلى التفصيل فإنه أكثر تقريرا للمراد وأثبت له في الذهن. وقوله: «وكل ما نادى الله له» أي لأجله عباده مبتدأ و «حقيق» خبره وقوله: «من حيث» متعلق بقوله: «حقيق بأن ينادى له» أي حقيق بأن ينادي الله تعالى لأجله بآكد الطرق وأبلغها، والضمير المجرور في «له» راجع إلى كلمة «ما» وكذا الضمير الذي في قوله: «إنها» إلا أنه أنث هذا الضمير لأنه عبارة عن أمور عظام، وقوله:
«وأكثرهم» منصوب عطفا على اسم «أن» أي ومن حيث إن أكثرهم غافلون عنها. وهذه الجملة الكبرى استيناف لبيان وجه كون الاستقلال بأوجه علة من التأكيد موجبة لكثرة النداء على هذه الطريقة في القرآن العظيم كأنه قيل: لما كان الاستقلال المذكور موجبا لكثرة النداء
صفحه ۳۶۰