حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
فلما أضاءت ما حوله أي النار ما حول المستوقدان جعلتها متعدية وإلا أمكن أن تكون مسندة إلى ما والتأنيث لأن ما حوله أشياء وأماكن، أو إلى ضمير النار. وما موصولة في معنى الأمكنة نصب على الظرف أو مزيدة وحوله ظرف وتأليف الحول للدوران وقيل للعام حول لأنه يدور. ذهب الله بنورهم جواب لما والضمير للذي، أيضا جمع النقور من الظباء يقال: ظباء نور وبقرة نوار أي تفر من البرية. وأضاء يكون لازما ومتعديا يقال: أضاء الشيء نفسه أي استضاء وتنور، وأضاءه غيره أي نوره. والظاهر أن أضاء في الآية متعدية مسندة إلى ضمير «النار» وما في قوله: «ما حوله» منصوب المحل بوقوع الإضاءة عليه وقوله: «حوله» منصوب على أنه ظرف مكان يقال: قعدوا حوله وحواليه وحوليه بكسر اللام. قال عليه الصلاة والسلام: «اللهم حوالينا ولا علينا». و «ما» موصوله و «حوله» صلتها، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة و «حوله» صفتها أي مكانا حوله وضمير «حوله» للمستوقد. والمعنى فلما جعلت النار ما حول المستوقد منورا مضيئا.
قوله: (وإلا) أي وإن لم تجعل الإضاءة متعدية أمكن أن يكون فعل الإضاءة. مسندا إلى كلمة «ما» ويكون تأنيث أضاءت للحمل على المعنى لأن كلمة «ما» سواء كانت موصولة أو موصوفة وقعت عبارة عن الأماكن المتعددة والأشياء الكثيرة فكانت في معنى الجماعة.
والمعنى فلما أضاءت وتنورت الأماكن والأشياء التي حول المستوقد. وحينئذ إما أن تكون «ما» مزيدة و «حوله» ظرفا لغوا لأضاءت أو موصولة وقعت عبارة «عن الأمكنة وحوله» ظرف في موضع الصلة، فيكون الموصول مع صلته مفعولا فيه لأضاءت لكون الموصول عبارة عن الأمكنة. والمعنى فلما أضاءت النار أي صارت مضيئة في الأمكنة التي حوله. قوله:
(وتأليف الحول للدوران) أي وتأليف حروف لفظ الحول على هذا الترتيب للدلالة على الدوران والطواف. ومنه: حال الشيء واستحال أي تغير. ومنه: حال الإنسان وهي عوارضه التي تتغير وتدور عليه. ومنه: «الحوالة وهي اسم من أحال عليه بدينه أي غيره إليه وأداره عليه.
قوله: (جواب لما) فإن قيل: جواب «لما» يجب أن يكون سببا عما دخل عليه كلمة «لما» لما تقرر من أنها لوجود الثاني لوجود الأول والإضاءة ليست سببا لإذهاب الله تعالى النور؟ أجيب بأنها قد تستعمل مجازا لمجرد الظرفية كما في قوله:
كما أدركت قوما عطاشا غمامة ... فلما رأوها اقشعت وتجلت
قوله: (والضمير للذي) أي ضمير الجمع في قوله: بنورهم راجع إلى «الذي» إما لكونه بمعنى «الذين» أو لأنه قصد به جنس المستوقد أو قدر له موصوف مفردا للفظ مجموع
صفحه ۳۱۶