294

حاشیه بر تفسیر بیضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

ژانرها

ويتجدد حينا بعد حين، وهكذا كانت نكايات الله فيهم كما قال: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين [التوبة: 126].

ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15) من مد الجيش وأمده إذا زاده وقواه، ومنه مددت السراج والأرض إذا استصلحتهما بالزيت والسماد لا من المد في العمر فإنه يعدى باللام كأملي له، ويدل عليه قراءة ابن كثير ويمدهم. والمعتزلة لما تعذر عليهم إجراء الكلام على ظاهره قالوا: لما منعهم الله تعالى الطاقة التي يمنحها المؤمنين وخذلهم بسب يعني أن عقوبات الله تعالى تستمر فيهم استمرارا تجدديا.

قوله: (والسماد) بالفتح السرقين والراد، أي إذا أصلحت السراج بالزيت والأرض بالسماد وزدت فيهما ما تزداد به قوتهما. فمعنى قوله تعالى: ويمدهم في طغيانهم يزيد طغيانهم ويعطيهم مزادا فيه ويعمهون حال من ضمير يمدهم قيل: إن ههنا مجازا في التعلق والإيقاع من حيث إن المد أوقع عليهم وإنما يوقع حقيقة على ما وقع المد والزيادة فيه كالكفر والطغيان، ورد بالمنع بناء على أن مدهم في الكفر ومد كفرهم واحد. والمعتزلة لما رأوا أن زيادتهم في الطغيان ليست مما صلح في حقهم فلا يجوز إسنادها إليه تعالى زعم بعضهم أن «يمد» ههنا ليس من المدد بمعنى الزيادة والتقوية بل من «المد والإمهال في العمر» فمعنى «يمدهم» يطول في عمرهم ويمهلهم كي ينتهوا ويطيعوا فما ازدادوا إلا طغيانا.

والمصنف لم يرض به لوجهين: الأول أن المد في العمر إنما يستعمل باللام يقال: مد له بمعنى أمهله كما أن الإملاء بمعنى الإمهال يعدى باللام فيقال: أملى له أي أمهله. والثاني أن قراءة ابن كثير «ويمدهم» بضم الياء وكسر الميم صريح في أنه من الإمداد بمعنى إعطاء المدد لا من المد في العمر إذ لم يستعمل مد من المد بمعنى الإمهال في العمر فينبغي أن يكون «يمد» في قراءة من قرأ بفتح الياء وضم الميم من المد أيضا لأن بعض القراءات يفسر بعضا كما يفسر بعض الآيات بعضا. قوله: (والمعتزلة لما تعذر عليهم اجراء الكلام على ظاهره) من حيث كونه مخالفا لما زعموه من أن ما هو الأصلح للعبد يجب عليه تعالى رعايته.

وإعطاء المدد في الطغيان من الأفعال القبيحة فلا يجوز إسناده إليه تعالى من حيث إنه تعالى أضاف ذلك المد إلى إخوانهم حيث قال: وإخوانهم يمدونهم في الغي [الأعراف: 202] فكيف يكون مضافا إليه تعالى؟ ومن حيث إنه تعالى ذمهم على هذا الطغيان فلو كان المد فيه فعلا له تعالى لما صح أن يذمهم عليه اضطروا إلى تأويل الآية وأولوه بوجوه: الأول جعل المسند وهو المد مجازا لغويا وإسناده إليه تعالى مجازا عقليا. ذكر في الحواشي الشريفية:

أنهم لما أصروا على كفرهم خذلهم الله تعالى ومنعهم ألطافه فتزايد الرين أي الدنس في قلوبهم فسمي ذلك التزايد أي ما تزايد من الرين مدا في الطغيان وأسند إعطاؤه إلى الله

صفحه ۳۰۰