حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
حدوث الكلام القائم بذات الله تعالى وهو اللفظ المؤلف من السور والآيات المركبة من الحروف الغير المرتبة، فإن اللفظ المذكور والمعنى المدلول صفة أزلية قائمة بذاته تعالى لا كما زعمت الحنابلة من قدم النظم المؤلف من الحروف المرتبة، فإنه بديهي الاستحالة للقطع بأنه لا يمكن التلفظ بالحرف الثاني إلا بعد التلفظ بالحرف الأول بل على معنى أن اللفظ القديم ليس مرتب الأجزاء في نفسه. فاذكره المصنف في جواب احتجاج المعتزلة مبني على هذه المقالة المفردة المخالفة لما اشتهر بين أصحابنا من حدوث الكلام اللفظي، ولو كان الجواب المذكور مبنيا على ما هو المشهور لقيل: حدوث اللفظ القائم بغيره تعالى لا ينافي قدم المعنى النفسي القائم بذاته تعالى، وهذه المقالة منسوبة إلى القاضي عضد الدين. قال الشريف المحقق رحمه الله في شرح المواقف: واعلم أن للمصنف مقالة مفردة في تحقيق كلام الله تعالى ومحصولها أن لفظ المعنى مقول بالاشتراك المعنوي على معنيين: الأول ما يقابل اللفظ ويكون مدلولا له، والآخر على المعنى القائم بالغير فيقال: هذا معنى أي ليس بعين بل معنى قائم بغيره. فالشيخ الأشعري لما قال الكلام هو المعنى النفسي فهم الأصحاب منه أن مراده بالمعنى هو مدلول اللفظ وحده وهو القديم عنده، وأما العبارات فإنما تسمى كلاما مجازا لدلالتها على ما هو كلام حقيقي حتى صرحوا بأن الألفاظ حادثة على مذهبه أيضا أي كما أنها حادثة على مذهب المعتزلة. وهذا الذي فهمه الأصحاب من كلام الشيخ له لوازم فاسدة كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتي المصحف مع أنه علم من الدين ضرورة كونه كلام الله تعالى حقيقة، وكعدم المعارضة والتحدي بكلام الله الحقيقي، وكعدم كون المقروء والمحفوظ كلام الله تعالى إلى غير ذلك من المفاسد. فوجب حمل كلام الشيخ على أنه أراد به المعنى الثاني وهو الأمر القائم بالغير المقابل للعين فيكون الكلام النفسي عنده أمرا شاملا للفظ والمعنى المستفاد منه جميعا، لأن كل واحد منهما يصدق عليه أنه معنى أي أمر قائم بذات الله سبحانه وتعالى فيكون صفة أزلية له تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسن محفوظ في الصدور وهو غير الكتابة والقراءة والحفظ الحادثة لأن نفس المقروء قديم. وما يقال من أن الحروف والألفاظ مترتبة متعاقبة فحجوا به أن ذلك الترتيب إنما هو في التلفظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفظ حادث كما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: الحدوث في التلفظ لا في نفس اللفظ والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة.
وهذا الذي ذكرنا وإن كان مخالفا لما عليه متأخرو أصحابنا إلا أنه بعد التأمل يعرف
صفحه ۲۲۳