حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
وسفها وذا لا يليق بالحكيم، ومنها أنه قد وقع التحدي بالقرآن وما لا يكون معلوما لا يجوز وقوع التحدي به، هذا خلاصة كلام المتكلمين في هذا المقام. واحتج مخالفوهم بالآية والخبر والمعقول: أما الآية فهو أن المتشابه من القرآن فإنه غير معلوم لنا لقوله تعالى: وما يعلم تأويله إلا الله [آل عمران: 7] ويجب الوقف ههنا لأن الراسخين في العلم لو كانوا يعلمون تأويله لما كان طلب ذلك التأويل ذما لكن قد جعله الله تعالى ذما حيث قال: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله [آل عمران: 7] وأما الخبر فهو أن القول بأن هذه الفواتح غير معلومة مروي عن أكابر الصحابة فوجب أن يكون حقا لقوله عليه الصلاة والسلام: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم». وأما المعقول فهو أن الأفعال التي كلفنا بها قسمان: أحدهما ما نعرف وجه الحكمة فيه بعقولنا في الجملة كالصلاة والزكاة والصوم فإن الصلاة تضرع محض وتواضع للخالق عز وجل، والزكاة سعي في دفع حاجة الفقير، والصوم سعي في كسر الشهوة. وثانيهما ما لا نعرف وجه الحكمة فيه كأفعال الحج فإنا لا نعرف بعقولنا وجه الحكمة في رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة والرمل والاضطباع. ثم إن المحققين اتفقوا على أنه كما يحسن من الله تعالى أن يأمر عباده بالقسم الأول فكذا يحسن منه الأمر بالقسم الثاني بل هو أدل على ظهور انقياد المأمور وعبوديته، لأن الطاعة في القسم الأول عرف تعقلها من وجه المصلحة فيه بخلاف الطاعة في القسم الثاني فإنه يدل على أنه لم يكن الإتيان به إلا لمحض الانقياد والتسليم، وإذا كان الأمر كذلك في الأفعال فلم لا يجوز أن يكون الأمر كذلك في الأقوال أيضا وهو أن يأمر الله تعالى تارة بأن يتكلم بما نقف على معناه وتارة بما لا نقف على معناه ويكون المقصود من ذلك ظهور الانقياد والتسليم من المأمور للآمر. هذا ملخص كلام الفريقين في هذا المقام وأصحاب القول الثاني وهم الذين ذهبوا إلى أن المراد من هذه الفواتح معلوم لنا اختلفوا فيه وذكروا وجوها: الأول أنها أسماء للسور وهو قول أكثر المتكلمين واختيار الخليل وسيبويه.
والثاني أنها أسماء للقرآن وهو قول الكلبي والسدي وقتادة. والثالث أسماء لله تعالى قال سعيد بن جبير: قوله: الر* وحم* ون فمجموعها هو اسم الرحمن، ولكنها لا يقدر على كيفية تركيبها في البواقي. والرابع أن كل واحد منها رمز إلى اسم من أسماء الله تعالى وصفة من صفاته كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: في الم*:
الألف إشارة إلى أن الله تعالى أحد أول آخر أزلي أبدي، واللام إشارة إلى أنه لطيف، والميم إشارة إلى أنه مالك مجيد منان. وقال في كهيعص: إنه ثناء من الله تعالى على نفسه فالكاف تدل على كونه كافيا، والهاء على كونه هاديا، والعين على كونه عالما، والصاد على
صفحه ۱۳۲