حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
العدول عن الطريق السوي عمدا أو خطأ وله عرض عريض والتفاوت ما بين أدناه وأقصاه كثير. قيل: المغضوب عليهم اليهود لقوله تعالى فيها: من لعنه الله وغضب عليه [المائدة: 60] والضالين النصارى لقوله تعالى: قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا [المائدة: 77] وقد روي مرفوعا. ويتجه أن يقال المغضوب عليهم العصاة، والضالين الجاهلون بالله لأن المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته والخير للعمل به.
وكان المقابل له من اختل إحدى قوتيه العاقلة والعاملة والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه، لقوله تعالى في القاتل عمدا وغضب الله عليه [النساء: 93] والمخل بالعلم جاهل ضال لقوله: فما ذا بعد الحق إلا الضلال [يونس: 32]. وقرىء ولا الضالين بالهمزة على لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين.
أعمل ما قبلها فيما بعدها كقولك: جئت بلا ذنب وأريد أن لا يخرج فجاز أيضا إعمال ما بعدها فيما قبلها بخلاف كلمة «ما» إذ لا يتخطاها العامل أصلا. قوله: (وله عرض عريض) أي وللضلال امتداد مديد غاية المد ومراتب كثيرة متفاوتة فبين أدناه من الزلات وبين أقصاه الذي هو الكفر- والعياذ بالله- مراتب لا تحصى. وقوله: «عرض عريض» من قبيل ليل أليل وظل ظليل فإنهم إذا أرادوا المبالغة في وصف الشيء يشتقون منه اسما فيصفونه به. قوله:
(قيل: المغضوب عليهم اليهود) هو في بعض النسخ بالواو فيكون معطوفا على ما يفهم من الكلام السابق من أن المراد بهما جميع ملل الكفر بقرينة ذكرهما في مقابلة من أنعم عليهم بالنعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان ولأنه تعالى نسب كل واحد من الغضب والضلال إلى جميع الكفار حيث قال: ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله [النحل: 16] وقال: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا [النساء: 167] والظاهر أنه بدون الواو على أنه كلام مستأنف لبيان أن جمهور المفسرين ذهبوا إلى أن المغضوب عليهم اليهود لقوله تعالى في حقهم: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه [المائدة: 60] ولأنه أشد الناس عداوة للذين آمنوا وأكثرهم تعديا قولا وفعلا فإنهم قتلوا الأنبياء وحرفوا التوراة واعتدوا في السبت وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء [آل عمران: 181] وقالوا: يد الله مغلولة [المائدة: 64] وغير ذلك من هذياناتهم فكانوا أحق بالغضب الذي هو الانتقام وهو لا ينافي اتصافهم بالضلال كيف وقد حكم الله تعالى عليهم بالضلال في قوله: أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل [المائدة: 60] وذهب جمهور المفسرين أيضا إلى أن المراد بالضالين هم النصارى لقوله تعالى في حقهم: ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن
صفحه ۱۰۷