حاشیه بر شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
ژانرها
صاحب المتن: وهي مفروضة في تكليف الكافر بالفروع، الشارح: «وهي» أي المسألة «مفروضة» بين العلماء «في تكليف الكافر بالفروع»: أي هل يصح تكليفه بها مع انتفاء شرطها في الجملة من الإيمان، لتوقفها على النية، التي لم تصح من الكافر؟ فالأكثر على صحته، ويمكن امتثاله بأن يؤتى بها بعد الإيمان.
المحشي: قوله: «وهي مفروضة في تكليف الكافر بالفروع» يعني أن محل النزاع فيها أمر كلي كما علم من صدرها، لكنهم فرضوا الكلام في جزئي من جزئياته ليقع النظر فيه، وهم يفعلون ذلك تقريبا للفهم، وتسهيلا للمناظرة مع ثبوت المطلوب، لأنه إذا ثبت في جزئي ثبت في جميع الجزئيات، لعدم القائل بالفصل، لاتحاد المأخذ، ومنها تكليف المحدث بالصلاة، ففيه النزاع كما نقله العلامة البرماوي.
عن جماعة لكن نازع الصفي الهندي وغيره في ذلك، وقالوا: إن المحدث مكلف بالصلاة بالإجماع، بمعنى وجوب الإتيان بها، وبالطهارة قبلها، وكأنهم لم يعتبروا الخلاف السابق في ذلك، وما قالوه هو الموافق لما في العضد وغيره، وعليه تستثنى هذه الصورة ونحوها كالتكليف بالصلاة، وبالتكبير قبل النية فيها. لكن ما نقله البرماوي أقعد بالأصول.
صاحب المتن: والصحيح وقوعه.
الشارح: «والصحيح وقوعه» أيضا، فيعاقب على تركه امتثاله، وإن كان يسقط بالإيمان ترغيبا فيه، قال تعالى: (في جنات يتساءلون «40» عن المجرمين «41» ما سلككم في سقر «42» قالوا لم نك من المصلين) المدثر: 43. (وويل للمشركين «6» الذين لا يؤتون الزكاة) فصلت: 6. (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الفرقان: 68 الآية، وتفسير الصلاة بالإيمان لأنها شعاره، والزكاة بكلمة التوحيد وذلك لإفراده بالشرك فقط كما قيل، خلاف الظاهر.
المحشي: وما ذكره المصنف في المسألة الآتية من أن التحقيق أن الأمر لا يتوجه إلا عند المباشرة مردود بما يأتي ثم، وفي تحرير شيخنا ما يخالف القوم فيما فرضوا الكلام فيه، لما يلزم على الحنفية من شيء لم يقولوا به. قوله: «مع انتفاء شرطها في الجملة من الإيمان» أي لكونه شرطا للعبادات منها لا لكل فرع فرع على التفصيل، وإنما كان شرطا للعبادة لأنه شرط لنيتها المعتبرة فيها.
فقوله: «لتوقفها» أي في الجملة «على النية» وإنما تركه للعلم به من تقييد شرطها، وهو الإيمان به، لأن قيد الشرط قيد في مشروطه.
والحاصل أن ضمير «توقفها» عائد إلى الفروع الشاملة للنية، والمراد منها العبادة، ومنها النية وغيرالنية من العبادة متوقف على النية.
قوله: «وذلك» أي وتفسير لفظ ذلك في قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك) الفرقان: 68 في الآية الثالثة.
أقوال العلماء في مسألة هل الكفار مخاطبون بالفروع؟
صاحب المتن: خلافا لأبي حامد الإسفراييني، وأكثر الحنفية مطلقا، ولقوم في الأوامر فقط، ولآخرين فيمن عدا المرتد.
الشارح: «خلافا لأبي حامد الأسفرايني وأكثر الحنفية» في قولهم: ليس مكلفا بها «مطلقا»، إذ المأمورات منها لا يمكن مع الكفر فعلها، ولا يؤمر بعد الإيمان بقضائها، والمنهيات محمولة عليها، حذرا من تبعيض التكليف، وكثير من الحنفية وافقونا، «و» خلافا «لقوم في الأوامر فقط»، فقالوا: لا تتعلق به لما تقدم، بخلاف النواهي، لإمكان امتثالها مع الكفر، لأن متعلقاتها تروك لا تتوقف على النية المتوقفة على الإيمان، «و» خلافا «لآخرين فيمن عدا المرتد»، أما المرتد فوافقوا على تكليفه باستمرار تكليف الإسلام، ...
المحشي: قوله: «إذ المأمورات منها لا يمكن مع الكفر فعلها» أي لفوات شرطها من الإيمان فيما شرط فيه الإيمان، ولا يؤمر بعد الإيمان بقضائها، أي فلا فائدة في تكليف الكفار.
وأجيب عن ذلك، بأنه يمكن فعلها بأن يؤتى بالمشروط بعد الشرط، كما قدمه وبأن نفي الفائدة في الدنيا لا ينافي ثبوتها في الآخرة.
صفحه ۷۰