حاشیه بر شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
ژانرها
الشارح: «ولا يشترط» في الأصل الذي يقاس عليه «دال على جواز القياس عليه بنوعه، أو شخصه، ولا اتفاق على وجود العلة فيه خلافا لزاعميهما» بالتثنية، أي زاعم اشتراط الأول، وهو عثمان البتي، وزاعم اشتراط الثاني، وهو بشر المريسي.
فعند الأول لا يقاس في مسائل البيع إلا إذا قام دليل على جواز القياس فيه.
المحشي: قوله «عثمان البتي» هو بفتح الموحدة فمثناة فوقية نسبة إلى بيع البتوت جمع «بت» وهو الثياب: كان يبيعها بالبصرة: وقيل: إلى المبت موضع بنواحي البصرة. وهو عثمان بن أبن أبنم فقيه البصرة في زمان الإمام أبي حنيفة.
قوله «بشر المريسي» هو بفتح الميم نسبة إلى مريس قرية من قرى مصر، وهو بشر بن غياث كان من المبتدعة.
الشارح: وعند الثاني لا يقاس فيما اختلف في وجود العلة فيه، بل لا بد بعد الاتفاق على أن حكم الأصل معلل من الاتفاق على أن علته كذا. وما اشترطاه مردود بانه لا دليل عليه.
المحشي: قوله «من الاتفاق على أن علته كذا» الأوفق لكلام المصنف هنا ولقول الشارح في الركن الثاني: «وإنما فرق بين المسألتين لمناسبة المحلين» أن يقول: «من الاتفاق على وجود العلة في الأصل»، إذ ما قاله من «أن علة الحكم كذا» إنما يناسب ذكره ثم.
الركن الثاني: حكم الأصل
صاحب المتن: الثاني: حكم الأصل. ومن شرطه: ثبوته بغير القياس، وقيل: «والإجماع»،
الشارح: «الثاني» من أركان القياس «حكم الأصل. ومن شرطه ثبوته بغير القياس. وقيل: والإجماع» إذ لو ثبت بالقياس كان القياس الثاني عند اتحاد العلة لغوا للاستغناء عنه بقياس الفرع فيه على الأصل في الأول، وعند اختلافها غير منعقد لعدم اشتراك الأصل والفرع فيه في علة الحكم.
مثال الأول: قياس العسل على الصلاة في اشتراط النية بجامع العبادة، ثم قياس الوضوء على الغسل فيما ذكر، وهو لغو للاستغناء عنه بقياس الوضوء على الصلاة.
المحشي: قوله «الثاني: حكم الأصل» المراد به نسبة أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا، فيشمل الحكم الشرعي، والعقلي، واللغوي. قوله «ومن شرطه» الأولى حذف «من».
الشارح: ومثال الثاني: قياس الرتق - وهو انسداد محل الجماع - على جب الذكر في فسخ النكاح بجامع فوات الاستمتاع، ثم قياس الجذام على الرتق فيما ذكر، وهو غير منعقد لأن فوات الاستمتاع غير موجود فيه.
والقول بأنه لا يثبت حكم الأصل بالإجماع إلا أن يعلم مستنده النص ليستند القياس إليه مردود بأنه لا دليل عليه. نعم يحتمل أن يكون الإجماع عن قياس، ويدفع بأن كون حكم الأصل حينئذ عن قياس مانع في القياس، والأصل عدم المانع.
المحشي: قوله «لأن فوات الاستمتاع غير موجود فيه» أي في الجذام لأن الاستمتاع موجود فيه عقلا وجسدا، لكنه غير مراد للعلماء، بل مرادهم: أنه لا يوجد فيه عادة، إذ العلة في فسخ النكاح بالعيوب فوات الاستمتاع عادة، ولا ريب أن فواته موجود عادة فيمن به جذام للمعافة.
قوله «إلا أن يعلم مستنده النص» أشار به إلى أن القول ب «أنه يشترط في حكم الأصل ثبوته بغير الإجماع» مقيد ب «ما إذا لم يعلم أن مستنده النص».
قوله «نعم، يحتمل أن يكون الإجماع عن قياس، ويدفع ... الخ» قضيته فيما إذا ثبت حكم الأصل بالإجماع أنه يشترط في القياس عليه أن لا يكون الإجماع عن قياس، وليس مرادا كما يفيده كلام المصنف وغيره، وإنما ارتكب الشارح ذلك ليطابق كلام الخصم القائل ب «أنه يشترط في القياس على الحكم الثابت بالإجماع أن يعلم أن مستنده النص كما قدمه».
صفحه ۱۸۸