حاشیه بر شرح جمع الجوامع

Zakariya al-Ansari d. 926 AH
184

حاشیه بر شرح جمع الجوامع

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

ژانرها

فقوله «لا حكم فيه» صفة كاشفة لشيء.

صاحب المتن: والصحيح حجة إلا في العادية والخلقية،

الشارح: «والصحيح» أن القياس «حجة» لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا مع سكوت الباقين الذي هو في مثل ذلك من الأصول العامة وفاق عادة ولقوله تعالى: (فاعتبروا) الحشر: 2، والاعتبار قياس الشيء بالشيء «إلا» في الأمور «العادية، والخلقية» أي التي ترجع إلى العادة والخلقة كأقل الحيض، أو النفاس، أو الحمل، وأكثره، فلا يجوز ثبوتها بالقياس.

المحشي: قوله «والاعتبار قياس الشيء بالشيء» أي لأنه افتعال من العبور، وهو موجود في القياس، إذ المراد بالعبور النظر، أي انتقال الذهن من النظر في حال شيء نظر إلى النظر في حال آخر.

قوله «إلا في العادية/ والخلقية» قد يقال: يغني عنه ما بعده لشموله له، ويرد بمنع ذلك، إذ العادية والخلقية غير الأحكام. ولو سلم شموله له بالتأويل، فذكره معه لبيان المقابل لهما المذكور بقوله: «خلافا للمعممين». وعطف «الخلقية» على «العادية» قيل: عطف تفسير، والأوجه لا، لتغايرهما كما علم من كلام الشارح. فالعادي في نحو أقل الحيض كمية العدد، وهو المضاف، والخلقي فيه الدم الخارج من أقصى الرحم خلقة، وهو المضاف إليه.

صاحب المتن: وإلا في كل الأحكام، وإلا القياس على منسوخ، خلافا لمعممين.

الشارح: لأنها لا يدرك المعنى فيها فيرجع فيها إلى قول الصادق. وقيل: «يجوز لأنه قد يدرك».

«وإلا في كل الأحكام» فلا يجوز ثبوتها بالقياس، لأن منها مالا يدرك معناه كوجوب الدية على العاقلة.

المحشي: قوله «فلا يجوز ثبوتها بالقياس» أي فلا يقاس مثلا النفاس على الحيض في أن أقله يوم وليلة، أو أكثره خمسة عشر، وعدل إلى ذلك وإلى نظيريه الآتيين عن أن يقول: «فلا يكون القياس حجة فيها» الذي هو ظاهر كلام المصنف إصلاحا لكلامه، إذ الخلاف إنما هو في عدم جوازه لا في عدم حجيته.

قوله «فيرجع فيها إلى قول الصادق» أي الصادق في خبره من ذوات الحيض والنفاس والحمل، وممن له إطلاع على أحوالهن إذا أخبر بما يعرف منه الأقل والأكثر، وهذا الإخبار هو مستند الاستقراء الذي يستند إليه الشافعي وغيره في الأقل والأكثر.

الشارح: وقيل: «يجوز بمعنى أن كلا من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه، ووجوب الدية على العاقلة له معنى يدرك وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه كما يعان الغارم لإصلاح ذات البين بما يصرف إليه من الزكاة».

«وإلا القياس على منسوخ» فلا يجوز لانتفاء اعتبار الجامع بالنسخ.

وقيل: «يجوز لأن القياس مظهر لحكم الفرع الكمين، ونسخ الأصل ليس نسخا لفرع».

«خلافا لمعممين» جواز القياس في المستثنيات المذكورة، وقد تقدم توجيهه.

المحشي: قوله «وهو إعانة الجاني في ... الخ» للقول الراجح هو أن يقول هذا لا يكفي في إدراك المعنى في وجوب الدية على خصوص العاقلة الذي هو المقصود.

صاحب المتن: وليس النص على العلة ولو في الترك أمرا بالقياس خلافا للبصري، وثالثها: «التفصيل».

الشارح: «وليس النص على العلة» لحكم «ولو في» جانب «الترك أمرا بالقياس» أي ليس أمرا به لا في جانب الفعل نحو «أكرم زيدا لعلمه»، ولا في جانب الترك نحو «الخمر حرام لإسكارها».

«خلافا للبصري» أبي الحسين في قوله: «إنه أمر به في الجانبين، إذ لا فائدة لذكر العلة إلا ذاك حتى لو لم يرد التعبد بالقياس استفيد في هذه الصورة».

قلنا: «لا نسلم أنه لا فائدة فيه إلا ذاك، بل الفائدة بيان مدرك الحكم ليكون أوقع في النفس».

صفحه ۱۸۶