حاشیه بر شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
ژانرها
قوله «نعم، قال القرطبي في تفسيره: إنها كبيرة بلا خوف» يحمل إلا ما إذا أصر عليها، أو اغتاب عدلا، أو قرنت بما يصيرها كبيرة كأن يترتب عليها قتل ظلما.
الشارح: ويشملها تعريف الأكثر الكبيرة بما توعد عليه بخصوصه، قال صلى الله عليه وسلم: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم»، رواه أبو داوود.
وفي التنزيل: (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن ياكل لحم أخيه ميتا) الحجرات: 12.
وتباح الغيبة في مواضع مذكورة في محلها.
المحشي: قوله «وتباح الغيبة في مواضع مذكورة في محلها» هي ستة: التظلم عند من له ولاية، أو قدرة على إنصاف المتظلم من ظالمه، الاستعمانة على تغيير المنكر ممن له قدرة على إزالته، والاستفتاء، وتحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، والتجاهر بالفسق أو البدعة، والتعريف، وقد بسط النووي الكلام عليها في أذكاره، وغيره، وما زيد عليها يرجع في الحقيقة إليها.
صاحب المتن: وشهادة الزور،
الشارح: «وشهادة الزور» لأنه صلى الله عليه وسلم عدها في حديث من الكبائر، وفي آخر من أكبر الكبائر رواهما الشيخان. وهل يتقيد المشهود به بقدر نصاب السرقة؟ تردد فيه ابن عبد السلام ، وجزم القرافي بالنفي، بل قال: «ولو لم تثبت إلا فلسا».
صاحب المتن: واليمين الفاجرة، وقطيعة الرحم،
الشارح: «واليمين الفاجرة» قال صلى الله عليه وسلم: «من حلف على مال امريء مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضباب»، رواه الشيخان.
وقال: «من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا، يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك»، رواه مسلم.
«وقطيعة الرحم» قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع»، رواه الشيخان. قال سفيان بن عيينة في رواية: «يعني قاطع رحم». والقطيعة فعيلة من القطع ضد الوصل، والرحم القرابة.
المحشي: قوله «وقطيعة الرحم» أي بالإساءة والهجر، أما بترك الإحسان فالأقرب كما قال العراقي أنه ليس بكبيرة ولا صغيرة، ويحتمل أن يكون صغيرة في بعض الأحوال.
صاحب المتن: والعقوق، والفرار، ومال اليتيم، وخيانة الكيل أو الوزن،
الشارح: «والعقوق» أي للوالدين لأنه صلى الله عليه وسلم عده في حديث من الكبائر، وفي آخر من أكبر الكبائر، رواهما الشيخان.
وأما حديثهما: «الخالة بمنزلة الأم»، وحديث البخاري: «عم الرجل صنو أبيه» فلا يدلان على أنهما كالوالدين في العقوق.
«والفرار» من الزحف لأنه صلى الله عليه وسلم عده من السبع الموبقات أي المهلكات، رواه الشيخان. نعم يجب إذا علم أنه إذا ثبت يقتل من غير نكاية في العدو انتفاء اعزاز الدين بثبوته.
«ومال اليتيم» أي أكله مثلا، قال تعالى: (إن الذين ياكلون أموال اليتامى ظلما) النساء: 10 الآية، وقد عده صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات في الحديث السابق، وتردد ابن عبد السلام في تقييده بنصاب السرقة.
«وخيانة الكيل أو الوزن» في غير الشيء التافه، قال الله تعالى: (ويل للمطففين) المطففين: 1 الآية.
والكيل يشمل الذرع عرفا. أما في التافه فصغيرة كما تقدم.
صفحه ۱۶۰