حاشیه بر شرح جمع الجوامع

Zakariya al-Ansari d. 926 AH
145

حاشیه بر شرح جمع الجوامع

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

ژانرها

قوله «إذ فرض المسألة كذلك» أي أن الذين أخبر بحضرتهم عدد التواتر، وأن الخبر عن محسوس، وبه علم أن الأولى بالمصنف أن يصف القوم بقوله: «يؤمن تواطؤهم على الكذب عن محسوس».

الشارح: فيما أخبر به دينيا كان أو دنيويا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على كذب «خلافا للمتأخرين» منهم الآمدي، وابن الحاجب، في قولهم: لا يدل سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على صدق المخبر، أما في الديني فلجواز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بينه، أو أخر بيانه بخلاف ما أخبر به المخبر، وأما في الدنيوي فلجواز أن لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم يعلم حاله كما في لقاح النخل، روى مسلم عن أنس، «أنه صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون، فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا فمر بهم، فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت: كذا، وكذا، قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم».

«وقيل: «يدل» على صدقه «إن كان» مخبرا «عن» أمر «دنيوي» بخلاف الديني».

وفي شرح المختصر عكس هذا التفصيل بدله، وتوجيههما يؤخذ مما تقدم.

وأجيب في الديني بأن سبق البيان أو تأخيره لا يبيح السكوت عند وقوع المنكر لما فيه من إفهام تغيير الحكم في الأول، وتأخير البيان عن وقت الحاجة في الثاني

المحشي: قوله «بخلاف ما أخبر به المخبر» تنازعه بينه وبيانه.

الشارح: وفي الدنيوي بأنه إذا كان كذبا ولم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الله به عصمة له من أن يقر أحدا على كذب كما أعلمه بكذب المنافقين في قولهم له: «نشهد إنك لرسول الله»، من حيث تضمنه أن قلوبهم وافقت ألسنتهم في ذلك وإن كان دينيا.

أما إذا وجد حامل على الكذب والتقرير كما إذا كان المخبر ممن يعاند النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينفع فيه الإنكار، فلا يدل السكوت على الصدق قولا واحدا.

المحشي: قوله «وإن كان دينيا» متعلق بالنظير، وهو قوله: «كما أعلمه بكذب المنافقين».

قوله «أما إذا وجد حامل على الكذب والتقرير» أي أو أحدهما، لأن الحكم إذا قيد بقيدين ينتفي بانتفائهما وبانتفاء أحدهما.

والحامل على الكذب صورته أن يكون الكذب مباحا. هذا وظاهر أن نفي الحامل على التقرير يغني عن نفي الحامل على الكذب وعكسه لاستلزام كل منهما الآخر.

صاحب المتن: وأما مظنون الصدق فخبر الواحد، وهو ما لم ينته إلى حد التواتر. ومنه المستفيض وهو الشائع عن أصل، وقد يسمى مشهورا. وأقله اثنان، وقيل : «ثلاثة».

الشارح: «وأما مظنون الصدق فخبر الواحد، وهو ما لم ينته إلى حد التواتر» واحدا كان راويه، أو أكثر، أفاد العلم بالقرائن المنفصلة، أولا «ومنه» حينئذ «المستفيض وهو الشائع عن أصل» فخرج الشائع لا عن أصل «وقد يسمى» أي المستفيض «مشهورا. وأقله» من حيث عدد راويه، أي أقل عدد روى المستفيض «اثنان، وقيل: «ثلاثة»».

الأول مأخوذ من قول الشيخ في «التنبيه»: «وأقل ما يثبت به الاستفاضة اثنان»، وعبارة ابن الحاجب: «المستفيض ما زاد نقلته على ثلاثة».

المحشي: قوله «الأول مأخوذ ... الخ» أشار به إلى أن الأول قول الفقيه، لا قول الأصولي، ولهذا عقبه بقوله: «وعبارة ابن الحاجب ... الخ»، إشارة إلى أن الثاني هو قول الأصوليين، فقد جزم به الآمدي وغيره، لكن المحدثون على أن أقله ثلاثة، وما نقله الشارح كالمصنف من أن أقله اثنان نقله الرافعي في الشهادة عن جمع.

صفحه ۱۴۷