. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تتجدد في حقنا دائمًا كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد. وأيضًا فهو رجوع إلى الأصل إذ أصل الحمد لله أحمد أو حمدت الله فحذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه. ثم عدل إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبوت. ثم أدخلت عليه أل لقصد الاستغراق. والرب
ــ
"دائما" توكيد لقوله: لا تزال تتجدد. وقوله: كذلك تأكيد لقوله: كما. قوله: "نحمده بمحامد لا تزال تتجدد" اعترضه البعض كشيخنا بأنه سيصرح بأن الجملة إنشائية معنى، وعليه لا يظهر ما ذكره لأن الحمد الإنشائي ينقطع بانقطاع التلفظ به فأين التجدد وإنما يظهر ذلك على جعلها خبرية لفظا ومعنى. ويمكن دفعه بأن إشعارها بالتجدد باعتبار حالها الأصلي الثابت لها قبل نقلها إلى الإنشاء، وكأنه لم يقطع النظر بعد النقل عما كان قبله بقرينة مناسبة المقام، ولعل هذا مراد شيخنا من الاعتذار بأن ذلك الإشعار على سبيل التوهم والتخيل فافهم.
قوله: "وأيضا" هو مصدر آض إذا رجع، وهو إما مفعول مطلق حذف عامله أو بمعنى اسم الفاعل حال حذف عاملها وصاحبها، فالتقدير هنا على الأول أرجع إلى التعليل رجوعا، وعلى الثاني أقول راجعا إلى التعليل، وإنما تستعمل مع شيئين بينهما توافق ويغني كل منهما عن الآخر فلا يجوز جاء زيد أيضا، ولا جاء زيد ومضى عمرو أيضا، ولا اختصم زيد وعمرو أيضا، قاله شيخ الإسلام زكريا. قوله: "فهو" الفاء للتعليل كما علم مما مر آنفا والضمير للاختيار المفهوم من قوله واختار لكن هذا التعليل إنما ينهض لاختيار المضارعية على الاسمية دون اختيارها على الماضوية بخلاف الأول ولهذا قدمه على هذا. قوله: "إلى الأصل" أي أصل الجملة الاسمية. قوله: "فحذف الفعل" أي وجوبا إن ذكر بعده وشكرا، وشرط بعضهم في الوجوب ذكر لا كفرا بعدهما وجوازا إن ذكر وحده كما سيأتي في باب المفعول المطلق، وإطلاق شيخنا الوجوب في غير محله. قوله: "ثم عدل إلى الرفع إلخ" هذا يقتضي أنه لو لم يعدل إلى الرفع لانتفت الدلالة على الدوام وهو كذلك كما صرح به الرضي في باب المبتدأ لأن بقاء النصب صريح في ملاحظة الفعل وتقديره وهو يدل على التجدد فلا يستفاد الدوام إلا بالعدول إلى الرفع، ولا يكفي في إفادته وجوب حذف العامل مع النصب وإن صرح به الرضي في باب المصدر، وحمل شيخنا السيد ما صرح به في باب المبتدأ على حالة جواز حذف العامل ليوافق كلامه في باب المصدر، لكن الأوجه إبقاؤه على إطلاقه كما يقتضيه التعليل السابق. لا يقال الاسمية هنا خبرها ظرف متعلق إما بفعل وإما باسم فاعل بمعنى الحدوث بقرينة عمله في الظرف فيكون في حكم الفعل، والاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد والحدوث لا الدوام، لأنا نقول: لا نسلم كون اسم الفاعل هنا للحدوث حتى يكون في حكم الفعل ويكفي لعمله في الظرف رائحة الفعل فيعمل فيه بمعنى الثبوت أيضا، ولئن سلمناه فمحل إفادة الاسمية التي خبرها فعل للتجدد إذا لم يوجد داع إلى الدوام، والعدول المذكور داع إليه ذكره الغزي. قوله: "لقصد الدلالة" أي لمقصود هو الدلالة ولو حذف قصد لكان أخصر، هذا أريد بمدخول اللام العلة الغائية، فإن أريد السبب المتقدم على المسبب فقصد على حقيقته ومحتاج إليه. قوله: "والثبوت" إن أراد به ثبوت المسند للمسند إليه
1 / 14