خطبة الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال محمد هو ابن مالك ... أحمد ربي الله خير مالك
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم
"قال محمد هو" الإمام العلامة أبو عبد الله جمال الدين بن عبد الله "ابن مالك"
ــ
قوله: "قال محمد" فيه التفات من التكلم إلى الغيبة إن روعي متعلق البسملة المقدر بنحو أؤلف أو تأليفي فإن لم يراع كان فيه التفات على مذهب السكاكي المكتفي بمخالفة التعبير مقتضى الظاهر. وأتى بجملة الحكاية ولم يتركها خوفا من الرياء لقصد الترغيب في كتابه بتعيين مؤلفه المشهور بالجلالة في العلم والإخلاص فيه وبالانتفاع بكتبه وهذا أرجح من مراعاة الحذر من الرياء خصوصا مع الأمن من ذلك كما هو حال المصنف، ولم يقدمها على البسملة أيضا ليحصل لها بركة البسملة ولئلا يفوت الابتداء الحقيقي بالبسملة ولم يؤخرها عن الحمدلة ليقع اسمه بين الجملتين الشريفتين فتحيط به بركتهما فاحفظه.
قوله: "العلامة" معناه لغة كثير العلم جدا لأن الصيغة للمبالغة والتاء لزيادتها وكثرة العلم جدا تحصل بالتبحر في أنواع من الفنون فما اشتهر من أنه الجامع بين المعقولات والمنقولات لعله اصطلاح لبعضهم. قوله: "جمال الدين" هذا لقبه أي مجمل أهل الدين. فإن قيل كل من جمال الدين ومحمد يشعر بالمدح فجعل أحدهما اسما والآخر لقبا تحكم، قلت يؤخذ جواب ذلك مما بحثه بعض المتأخرين ونصه: والذي يظهر أن الاسم ما وضعه الأبوان ونحوهما ابتداء كائنا ما كان، وأن ما استعمل في ذلك المسمى بعد وضع الاسم فإن كان مشعرا بمدح كشمس الدين فيمن اسمه محمد أو ذمّ كأنف الناقة فيمن اسمه ذلك فلقب، أو كان مصدرا بأب كأبي عبد الله فيمن اسمه ذلك أو أمّ كأمّ عبد الله فيمن اسمها عائشة فكنية، وعلى هذا يصح ما حكاه ابن عرفة فيمن اعترض عليه أمير إفريقية في تكنيته بأبي القاسم مع النهي عنه فأجاب بأنه اسمه لا كنيته نقله شيخنا عن الشنواني. وحاصل الجواب أن اعتبار الأشعار والتصدير أما يكون بعد وضع الدال على الذات ابتداء. والظاهر أن الموضوع للذات ابتداء محمد فهو الاسم والموضوع ثانيا مشعرا جمال الدين فهو اللقب. قوله: "ابن عبد الله بن مالك" قد يتوهم من صنيع الشارح أنه جر ابن مالك صفة لعبد الله وليس كذلك لأنه يلزم عليه تغيير إعراب المتن وحذف ألف ابن مع أنها واجبة الثبوت في المتن بل هو باق على رفعه فيكون بالنظر إلى كلام الشارح خبرا آخر لهو فاعرفه. فإن قلت في قول المصنف هو ابن مالك الباس لإيهامه أن مالكا أبوه. قلت هذا الإلباس لا يضر هنا لأنه ليس المقصود هنا بيان نسبه بل تمييزه عمن شاركه في اسمه وهو إنما يتم بهذه الكنية لغلبتها عليه دون غيرها قاله سم، وأيضا فيها تفاؤل بملكه رقاب العلوم. والأكثر حذف ألف مالك العلم وإن كان رسمها أيضا جيدا ومنه رسمها في: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِك﴾ [الزخرف: ٧٧] في المصحف العثماني ويجب رسم ألف مالك الصفة كالذي آخر
1 / 11