حاشية السندي على صحيح البخاري

محمد بن عبد الهادی نورالدین سندی d. 1138 AH
120

حاشية السندي على صحيح البخاري

حاشية السندى على صحيح البخارى

ناشر

دار الجيل - بيروت

محل انتشار

بدون طبعة

ژانرها

حدیث
الْمُشَاهَدُ فِي الْأَنْوَارِ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْرَجَ أَلْفُ سِرَاجٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَلِئُ نُورًا مِنْ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ السُّرُجِ لَكِنْ لِكَوْنِهِ لَا يُزَاحَمُ يَجْتَمِعُ مَعَهُ نُورُ الثَّانِي وَنُورُ الثَّالِثِ ثُمَّ لَا يَمْنَعُ امْتِلَاءُ الْبَيْتِ مِنَ النُّورِ جُلُوسَ الْقَاعِدِينَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّزَاحُمِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّقْدِيسَاتِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ أَنْ لَا يَبْقَى مَكَانٌ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ وَلَا لِعَمَلٍ آخَرَ مُتَجَسِّدٍ مِثْلِ تَجَسُّدِ التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ (نُورٌ) لِتَأْثِيرِهِ فِي تَنْوِيرِ الْقُلُوبِ وَإِشْرَاحِ الصُّدُورِ قَوْلُهُ (بُرْهَانٌ) دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهِ فِي دَعْوَى الْإِيمَانْ إِذِ الْإِقْدَامُ عَلَى بَذْلِهِ خَالِصًا لِلَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ صَادِقٍ فِي إِيمَانِهِ قَوْلُهُ (وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ إِلَخْ) أَيْ نُورٌ قَوِيٌّ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس: ٥] وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ الصَّوْمُ وَهُوَ لِكَوْنِهِ قَهْرًا عَلَى النَّفْسِ قَامِعًا لِشَهَوَاتِهَا لَهُ تَأْثِيرٌ عَادَةً فِي تَنْوِيرِ الْقَلْبِ بِأَتَمِّ وَجْهٍ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ (أَوْ عَلَيْكَ) إِنْ قَرَأْتَهُ بِلَا عَمَلٍ قَوْلُهُ (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ كُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِفَيُعْتِقُهَا مِنَ الْعَذَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى بِاتِّبَاعِهِمَا فَيُوبِقُهَا أَيْ يُهْلِكُهَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ كُلُّ النَّاسِ يَسْعَى فِي الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا مِنَ اللَّهِ فَيُعْتِقُهَا أَوْ يَبِيعُهَا مِنَ الشَّيْطَانِ فَيُوبِقُهَا وَفِي الْمَفَاتِيحِ الْبَيْعُ الْمُبَادَلَةُ وَالْمَعْنَى بِهِ هَاهُنَا صَرْفُ النَّفْسِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي عِوَضِ مَا يَتَوَخَّاهُ وَيَتَوَجَّهُ نَحْوَهُ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا يَرْضَاهُ اللَّهُ فَقَدْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنَ النَّارِ وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَقَدْ أَوْبَقَهَا أَيْ أَهْلَكَهَا انْتَهَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَاب ثَوَابِ الطُّهُورِ] ٢٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ﷿ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ» ــ قَوْلُهُ (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) الْفَاءُ لِتَفْسِيرِ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ بِمُرَاعَاةِ سُنَنِهِ وَآدَابِهِ وَالْمَعْنَى أَرَادَ الْوُضُوءَ وَشَرَعَ فِيهِ فَأَحْسَنَهُ (لَا يُنْهِزُهُ) مِنْ نَهَزَ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ كَمَنَعَ أَيْ دَفَعَ أَيْ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ وَالْمُرَادُ إِنَّهُ مَا نَوَى بِخُرُوجِهِ غَيْرَهَا وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَتَى قَوْلُهُ (خَطْوَةً) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَرَّةِ كَجَلْسَةٍ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي فَضَائِلِ الطَّهَارَةِ لِمَا

1 / 121