وفعلان للأمور العارضة كسكران وغضبان، وأبطل بأن ذلك من باب فعل بالضم لامن صيغة فعيل (قوله الحمد والمدح أخوان) أي هما مترادفان ويدل على ذلك أنه قال في الفائق: الحمد هو المدح والوصف بالجميل، وأنه جعل ههنا نقيص المدح: أي الوصف بالجميل، ويقابله الذم وقد يخص بعد المآثر ويقابله حينئذ الهجو: أي عد المثالب والكلام في المعنى الأول. وقيل أراد أنهما أخوان في الاشتقاق الكبير ويشهد له وجهان: الأول أن الشائع في كتب المصنف استعمال الأخوة فيما بين لفظتين يتلاقيان في الاشتقاق الكبير أو الأكبر، أما الكبير فبأن يشتركا في الحروف الأصول من غير ترتيب مع اتحاد في المعنى أو تناسب فيه كالجذب والجبذ وكالحمد والمدح، وأما الأكبر فبأن يشتركا في أكثر تلك الحروف فقط ويتناسبا في الباقي مع الاتحاد أو التناسب في المعنى كأله ودله وكالفلق والفلج الثاني أن الحمد مخصوص بالجميل الاختياري والمدح يعمه وغيره. يقال مدحت اللؤلؤة على صفائها، ولا يقال حمدتها، فاختير ههنا الحمد على المدح ليشعر بالاختيار، وعلى الشكر ليناول الفضائل والفواضل.
ورد الأول بأن ما ذكرناه من الدليلين أوجب حمل الأخوة ههنا على الترادف والثاني بأن المصنف صرح في تفسير قوله تعالى - ولكن الله حبب إليكم الإيمان - بأن المدح لا يكون بفعل الغير، وتأول المدح بالجمال وحسن الوجه، فالمدح عنده أيضا مخصوص بالاختياري، وإنما ترك قيد الاختياري في تفسير معنى الحمد إما اعتمادا على الأمثلة فإنها اختيارية، وإما أنه أراد بالجميل الفعل الجميل وهو بالاختيار، فقوله من نعمة: أي إنعاما بنعمة. واعلم أن الحمد إذا خص بالأفعال الاختيارية يلزم أن لا يحمده الله تعالى على صفاته الذاتية كالعلم والقدرة والإرادة سواء جعلت عين ذاته أو زائدة عليها بل على إنعاماته الصادرة عنه باختياره، اللهم إلا أن تجعل تلك الصفات لكون ذاته كافية فيها بمنزلة أفعال اختيارية يستقل بها فاعلها (قوله وهو الثناء) أي الحمد لأنه المقصود بالتفسير، والثناء هو الذكر بالخير، عقبه بالنداء وهو رفع الصوت إظهارا لما ادعاه من اختصاصه باللسان وكونه أشيع وأدل (قوله وأما الشكر) لما فسر الحمد وكان الشكر قريبا منه في المعنى وقرينا له في الاستعمال كان هناك مظنة أن يقع في ذهن السامع أن الشكر ماذا؟ هل هو هذا المعنى أو شئ آخر يقرب منه؟ فأورد كلمة أما تفصيلا
صفحه ۴۶