شريف يهتم به، والبال أيضا القلب كأن الأمر يملك قلب صاحبه لاشتغاله به، وقد شبه بذى قلب على الاستعارة المكنية، وفى هذا الوصف فائدتان: الأولى رعاية تعظيم اسم الله تعالى إذ قد يبتدأ به في الأمور المعتد بها. والثانية التيسير على الناس في محقرات الأمور (قوله كلا فعل) قيل كلمة لا هذه اسم بمعنى غير إلا أن إعرابها ظهر فيما بعدها لكونه على صورة الحرف كما في إلا بمعنى غير (قوله على معنى متبركا بسم الله) لم يرد أن الباء صلة التبرك ليكون الظرف لغوا، بل أراد التلبس على وجه التبرك وقد سبق تحقيقه (قوله أعرب وأحسن) أما أنه أعرب:
أي أدخل في لغة العرب وأفصح وأبين، فلأن باء المصاحبة والملابسة أكثر استعمالا من باء الاستعانة لا سيما في المعاني وما يجرى مجراها من الأقوال، وأما أنه أحسن: أي أوفق لمقتضى المقام فلوجوه: الأول أن التبرك باسم الله تأدب معه وتعظيم له، بخلاف جعله آلة فإنها مبتذلة وغير مقصودة بذاتها. الثاني أن ابتداء المشركين بأسماء آلهتهم كان على وجه التبرك بها، فينبغي أن يرد عليهم في ذلك. الثالث أن الباء إذا حملت على المصاحبة والمعية كانت أدل على ملابسة جميع أجزاء الفعل لاسم الله منها إذا جعلت داخلة على الآلة. الرابع أن التبرك باسم الله تعالى معنى مكشوف يفهمه كل أحد ممن يبتدئ به في أموره. والتأويل المذكور في كونه آلة لا يهتدى إليه إلا بنظر دقيق.
الخامس أن كون اسم الله تعالى آلة للفعل ليس إلا باعتبار أنه يتوسل إليه ببركة، فقد رجع بالآخرة إلى التبرك وليس في اعتباره زيادة معنى يعتد به. وقد يقال جعله آلة مشعر بأن له زيادة مدخل في الفعل، ويشتمل على جعل الموجود لفوت كماله بمنزلة المعدوم، ومثله يعد من محسنات الكلام (قوله فكيف قال الله تعالى) تفريع على الوجه المختار وإن كان السؤال متوجها على الوجهين (قوله كيف يتبركون) أي بأي عبارة يتبركون؟ فلا يرد أن ذلك تنعيم للتبرك باسمه لا تعليم لكيفيته (قوله من حق حروف المعاني) أراد بها ما يقابل الأسماء والأفعال فإنها موضوعة للمعاني، وأما الألفاظ المبسوطة التي يتركب منها الكلم فتسمى حروف المباني (قوله التي هي أخت السكون) لما كان البناء لا يختلف بتعاقب العوامل كان الأصل فيه السكون لخفته، فإن الدائم بالخفيف أولى، وأيضا لما كان مقابلا للإعراب الذي أصله أن يكون وجوديا لكونه أثر العامل وعلما للمعاني كان أصله أن يكون عدميا، وقد امتنع البناء على السكون في حروف المعاني التي جاءت على حرف واحد من حيث أنها كلم برأسها مظنة لوقوعها في ابتداء الكلام، وقد رفضوا الابتداء بالسكن، فحقها أن تبنى على الفتحة التي هي أخت السكون في الخفة وإن كانت الكسرة أختا له المخرج، لأنها أدوات كثيرة الدوران على الألسنة فاستحقت الأخف، إلا أن لام الإضافة إذا دخلت على المظهر بنيت على الكسر فصلا بينها وبين لام الابتداء، سيما فيما لا يظهر فيه إعراب
صفحه ۳۲