وأما صفته وحالته فهي معنى ماقال سيد الوصيين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى ذريته في وصف المتقين حيث قال له همام : صف لي ياأميرالمؤمنين المتقين حتى كأني أنظر إليهم . ، فحمدالله وأثنى عليه وصلى على النبي ، ثم قال : " أما بعد فإن الله لما خلق الخلق وكان غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنها لاتنفعه طاعة من أطاعه ، ولاتضره معصية من عصاه ، فقسم بينهم معائشهم ، ووضعهم مواضعهم ، فالمتقون فيها هم أهل الفصل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى ، أما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قدبراهم الخوف بري القداح " فهذا بعضا من صفته وحليته لأنه شمر تشمير اللبيب واستعمل عقله الذي هو حجة الله عليه وتبصر مايصير إليه واستصبح بكتاب الله واستنار بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخاض في لججهما فاستخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فاعتدلت فطرته وصفت طبيعته ، وسمت همته نظر بعينه الصحيحة لنفسه ، ومهد لغده وأمسه { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور } قد أيقن بالخلف فجاد بالعطية بذل نفسه ، وجاهد عدوه ، ودله الله فاستدل ، ولطف به فالتطف ، وخاطبه ففهم ، وعلمه فعلم ، استهان بالعاجلة فآثر العاقبة ، ومهد لطول المنقلب إلى { عيشة رضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } .
أما حسن الخلق فلقد كان من أحسن الناس أخلاقا لاسيما للعترة الطاهرة فإنه يخفض لهم جناحه ، ولقد أقسم بالله أنه أصبح عنده أولاد رسول الله أحب من ولده وولد ولده ، ولقد صرح في تخميسه لقصيدة الهبل بالحب الشديد لهم ، فقال :
الله يعلم أن حبي والدي دون المحبة للحبيب الزاهد
صفحه ۱۲