أن تكون شريكة ونِدا له، أو أن تكون إلها من دونه، وكلا هذين وقع؛ فإن فرعون طلب أن يكون إلها معبودًا دون الله تعالى، وقال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، وقال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وقال لموسى: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: ٢٩]، و﴿اسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ [الزخرف: ٥٤] .
وإبليس يطلب أن يعبد ويطاع من دون الله، فيريد أن يعبد ويطاع هو، ولا يعبد الله ولا يطاع. وهذا الذي في فرعون وإبليس هو غاية الظلم والجهل.
وفى نفوس سائر الإنس والجن شعبة من هذا وهذا، إن لم يعن الله العبد ويهديه، وإلا وقع في بعض ما وقع فيه إبليس وفرعون بحسب الإمكان.
قال بعض العارفين: ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون، غير أن فرعون قَدَر فأظهر، وغيره عجز فأضمر.
وذلك أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس، وسمع أخبارهم، رأى الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته.
فالنفس مشحونة بحب العلو والرياسة، بحسب إمكانها، فتجد أحدهم يوالى من يوافقه على هواه، ويعادى من يخالفه في هواه، وإنما معبوده ما يهواه ويريده، قال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ
1 / 86