الإنسان من النعم والمصائب، كما في قوله: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]؛ ولهذا قال: " إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له "، فجعل القضاء ما يصيبه من سراء وضراء. هذا ظاهر لفظ الحديث، فلا إشكال عليه.
الوجه الثاني: أنه إذا قدر أن الأعمال دخلت في هذا، فقد قال النبي ﷺ: " من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن ".
فإذا قضى له بأن يحسن، فهذا مما يسره، فيشكر الله عليه.
وإذا قضى عليه بسيئة، فهي إنما تكون سيئة يستحق العقوبة عليها إذا لم يتب منها، فإن تاب أبدلت بحسنة، فيشكر الله عليها، وإن لم يتب ابتلى بمصائب تكفرها فصبر عليها، فيكون ذلك خيرًا له. والرسول ﷺ قال: " لا يقضي الله للمؤمن "، والمؤمن هو الذي لا يصر على ذنب، بل يتوب منه، فيكون حسنة، كما قد جاء في عدة آيات: أن العبد ليعمل الذنب فيدخل به الجنة بعمله، لا يزال يتوب منه حتى يدخل بتوبته منه الجنة.
والذنب يوجب ذل العبد وخضوعه، ودعاء الله واستغفاره إياه، وشهوده بفقره وحاجته إليه، وأنه لا يغفر الذنوب إلا هو.
فيحصل للمؤمن بسبب الذنب من الحسنات ما لم يكن يحصل بدون ذلك، فيكون هذا القضاء خيرًا له.
فهو في ذنوبه بين أمرين: إما أن يتوب فيتوب الله عليه، فيكون من التوابين الذين يحبهم الله.
1 / 82