في القرآن: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] .
والمقصود هنا أن الحسنة مضافة إليه سبحانه من كل وجه، والسيئة مضافة إليه لأنه خلقها، كما خلق الحسنة فلهذا قال: ﴿كُلٌ مِنْ عِندِ اللهِ﴾ . ثم إنه إنما خلقها لحكمة، ولا تضاف إليه من جهة أنها سيئة، بل تضاف إلى النفس التي تفعل الشر بها لا لحكمة، فتستحق أن يضاف الشر والسيئة إليها، فإنها لا تقصد بما تفعله من الذنوب خيرًا يكون فعله لأجله أرجح، بل ما كان هكذا فهو من باب الحسنات؛ ولهذا كان فعل الله حسنًا، لا يفعل قبيحًا ولا سيئًا قط.
وقد دخل في هذا سيئات الجزاء والعمل؛ لأن المراد بقوله: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ﴾ و﴿مِن سَيِّئَةٍ﴾ النعم والمصائب كما تقدم لكن إذا كانت المصيبة من نفسه لأنه أذنب فالذنب من نفسه بطريق الأولى، فالسيئات من نفسه بلا ريب، وإنما جعلها منه مع الحسنة بقوله: ﴿كُلٌ مِنْ عِندِ اللهِ﴾ كما تقدم؛ لأنها لا تضاف إلى الله مفردة، بل إما في العموم، كقوله: ﴿كُلٌ مِنْ عِندِ اللهِ﴾ .
وكذلك الأسماء التي فيها ذكر الشر، لا تذكر إلا مقرونة، كقولنا: " الضار النافع، المعطى المانع، المعز المذل " أو مقيدة، كقوله: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ [السجدة: ٢٢] .
وكل ما خلقه مما فيه شر جزئي إضافي ففيه من الخير العام والحكمة والرحمة أضعاف ذلك، مثل إرسال موسى إلى فرعون، فإنه حصل به التكذيب والهلاك لفرعون وقومه، وذلك شر بالإضافة إليهم، لكن حصل به من النفع العام للخلق إلى
1 / 51