حصاد فلسفی
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
ژانرها
أن الوجوديين يفهمون «الذاتية» بمعناها الخلاق؛ فالإنسان يخلق نفسه بنفسه. (5)
يقول كل المفكرين الوجوديين بالتبعية المزدوجة، تبعية الإنسان للعالم وتبعيته للبشر. (6)
يرفض كل الوجوديين التمييز بين الذات والموضوع، بل ينبغي التعامل مع الواقع الذي يتم في تجربة القلق، وفيه يدرك الإنسان أنه محدود قاصر. وبالرغم من هذه السمات المشتركة بين الفلسفات الوجودية، فإنه توجد اختلافات عميقة بين ممثلي الوجودية، إذا أخذ كل منهم بمفرده.
37
حظيت الوجودية الفرنسية - وخاصة السارترية - بشهرة واسعة ليس في أوساط المثقفين فقط، بل أيضا على المستوى الجماهيري والشعبي، ويليها حظا من هذه الشهرة وجودية هيدجر، وإن كان انتشار هذه الأخيرة على المستوى الأكاديمي أكثر منها على المستوى الجماهيري. وعلى الرغم من هذا يعد كارل ياسبرز (1883-1969م) - الأقل شهرة وانتشارا - من بين «الفلاسفة الوجوديين المعاصرين أغزرهم إنتاجا، وأوضحهم تفكيرا، وأوسعهم اهتماما، وأقربهم إلى التفكير العام. ليس فيه غموض هيدجر ولا جفاف لغته، وليس فيه عبث سارتر.»
38
ويؤكد ياسبرز - كسائر الوجوديين - أن الإنسان هو الحقيقة الأساسية التي يمكن إدراكها في العالم، وأنه موجود في مواقف عينية واقعية في الحياة. وأن الوجود «انفتاح على العالم، ولن يتحقق - أي الوجود - إلا في الفعل والسلوك، ونقابل هذا الانفتاح في المواقف الحدية (مثل الموت والألم والصراع والخطيئة)، وفي الوعي التاريخي، وفي الحرية، وفي التواصل مع الآخرين.»
39
يتحقق وجود الإنسان إذن في لحظة خروجه من حال الإمكان إلى حال التحقق، وهو بهذا يحقق معنى الحرية التي هي جوهر الوجود الماهوي عند ياسبرز.
ثم يأتي مارتن هيدجر (1889-1976م) الممثل الآخر للوجودية الألمانية، والأكثر شهرة من سلفه، ويعلن أن نقطة البدء في فلسفته هي الموجود - هناك
صفحه نامشخص