جنگ و صلح
الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة
ژانرها
صرخ الأمير العجوز يستشهد بالمهندس الذي كان يهاجم قطعة الشواء، معتقدا أنه نسي تماما، وأهمل في ذلك الحديث: يا ميخائيل إيفانوفيتش، ألم أقل لك إن بونابرت عسكري كبير؟ إنه هو الآخر يقول ذلك.
فأجاب المهندس: تماما يا صاحب السعادة.
عاد الأمير يضحك ضحكته الجافة، وقال: لقد ولد بونابرت محظوظا، إنه أولا يملك جنودا ممتازين، وهو لم يقابل حتى الآن إلا الألمان، فمن الذي لم يهزم الألمان؟ لم يهزمهم إلا أولئك الذين ما أرادوا أن يحتملوا عناء ذلك؛ لأن الألمان كانوا منذ أن أصبح العالم عالما يهزمون ويغلبون. إنهم لا يجيدون إلا التناحر بينهم، وعلى مثل هؤلاء الحمقى أقام بونابرت مجده.
وراح الأمير العجوز يشرح بإسهاب الأخطاء الفنية الاستراتيجية التي يعزوها إلى بونابرت، وراح كذلك ينتقد تصرفاته كرجل دولة، أما الابن فقد كان ممتنعا عن إبداء أي اعتراض، لكنه كان يبدو على وجهه أنه رغم شرح أبيه وأقواله، فإنه لم يكن على استعداد لتبديل رأيه حول ذلك الموضوع، وكذلك كان الأب، لكن الأمير الصغير كان يتأمل بإعجاب سعة اطلاع العجوز على مجرى الأمور من الوجهتين السياسية والعسكرية في كل أوروبا، والطريقة الدقيقة التي كان يعالج تلك الأمور بها رغم انزوائه منذ سنين طويلة في الريف.
قال العجوز معقبا: لعلك تتصور أن عجوزا مثلي لا يمكن أن يفقه شيئا في الأمور الحاضرة؟ إنك مخطئ، إن هذه الأمور لا تني تقلقني حتى إنني لا أنام الليل بسببها، إذن أين ظهرت بوادر عسكريك الكبير في الآونة الأخيرة؟
فأجاب الابن: إن شرح ذلك يطول.
فهتف العجوز: حسنا، امض إذن إلى لقاء بونابرتك!
واستدار نحو الآنسة بوريين، وقال: يا آنسة بوريين، هو ذا معجب جديد بإمبراطورك القذر. - إنك تعرف تماما يا أميري أنني لست من أنصار بونابرت.
فعاد العجوز يدندن بصوته النشاز: الله يعلم متى يعود.
وأعقبها بضحكة أكثر نشازا وهو ينهض عن المائدة.
صفحه نامشخص