جنگ و صلح
الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة
ژانرها
لم تسمع الأميرة الصغيرة كلامه، أم لعلها تظاهرت بأنها لم تسمعه، كانت محتفظة بصمت قلق، قطعته مرة لتجيب بابتسامة على سؤال وجهه الأمير إليها حول صحة والدها، ثم سألها عن معارفها، وعندئذ عادت ليز إلى انطلاقها المعهود، فنقلت إليه تمنيات مختلفة وأفرغت ما في جعبتها من هذر العاصمة.
تمتمت: إن الكونتيس آيراكيش، المسكينة، فقدت زوجها، فبكته بكل ما في عينيها من دموع.
وبينما كانت ليز تزداد حماسة واندفاعا، كانت نظرة الأمير إليها تزداد صرامة وقسوة، وفجأة أشاح بوجهه عنها، وأدار لها ظهره، وكأنه درسها كفاية، وراح يحدث المهندس: حسنا يا ميخائيل إيفانوفيتش، إن «بونابرتنا» أضحى الآن في حال سيئ! وذلك بالإصغاء إلى ما يقوله الأمير آندره.
كانت عادته عندما يتحدث عن ابنه، أن يشير إليه بالضمير المفرد الغائب، أردف يقول: ستنقض عليه زوبعة ثلجية هائلة، ونحن الذين كنا نعتبره مخلوقا خاليا من الكفاءة والإمكانيات!
راح ميخائيل إيفانوفيتش يتساءل في سره: عن الوقت الذي استطاع «كلاهما» خلاله التحدث عن هذه الآراء حول بونابرت، لكنه كان يعرف أن الأمير يستخدمه دائما وسيلة وتكأة لإثارة موضوعه المفضل، لذلك فقد راح ينظر إلى الأمير الشاب بدهشة دون أن يعرف نتائج ذلك الموقف على الضبط.
قال الأمير العجوز لابنه وهو يشير إلى المهندس: إه، نعم، إنه ماهر جدا في أمور الحرب والخطط الحربية!
وعادت الأحاديث تدور من جديد حول الحرب، وبونابرت، والقواد العظام ورجال الدولة المعاصرين، كان يبدو على الأمير العجوز أن كل زعماء العهد الجديد ليسوا فقط غلمانا صغارا يجهلون حتى مبادئ الحرب والسياسة، بل إن بونابرت أيضا لم يكن إلا فرنسيا حقيرا، ما كانت انتصاراته لتدوم لو كان خصومه من طراز بوتيمكين
1
وسوفوروف، وكان كذلك مقتنعا بأنه لم يكن في أوروبا في الوقت الحاضر عدوان ولا حرب جديرة بالاسم الذي يطلق عليها، بل إن الأمر كان مقتصرا على مشهد من مشاهد «كاراكوز»، حيث الرجال يتظاهرون أنهم يقومون بدور جدي، وكان آندريه يستقبل تلك السخرية اللاذعة بابتسامة مغتبطة، ويحاول بمكر أن يستزيد أباه منها، وقال يثيره: نعم، إننا نحب دائما تمجيد الوقت الماضي، مع أن «سوفوروفك» سقط في الشرك الذي نصبه له «مورو»
2
صفحه نامشخص