120

جنگ و صلح

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

ژانرها

كان آندره متعصبا أمام الشجرة السلالية، يهز رأسه ضاحكا، وكأنه يعاين رسما هزليا «كاريكاتوريا».

قال لأخته التي كانت تقترب منه: إنني أتعرف عليه هنا!

فنظرت إليه ماري مأخوذة، لم تكن تفهم ما يدفعه إلى الضحك.

فقد كان كل ما يعمله أبوها يوحي إليها باحترام عميق.

استطرد آندره يقول: لكل إنسان نقطة ضعفه، كذلك فإن ذكاء متوقدا كذكائه قد أهرق في هذا العمل المضحك الغريب!

ما كانت ماري تتقبل حكما هداما مناقضا كهذا الحكم، فهمت تريد لومه والتعرض لأسلوبه، لولا أن ترددت الخطوات المنتظرة وعلا وقعها، ودخل الأمير العجوز بمشيته النشيطة الرشيقة، وحركاته الطليقة، وكأنها تعترض على النظام الدقيق الذي يسير الأمور في البيت، وفي تلك اللحظة دقت الساعة دقتين، وردد البهو صدى دقتين أخريين من الساعة المعلقة على جداره، توقف الأمير، وراحت نظرته العميقة القاسية تنتقل بين الموجودين، حتى توقفت على زوجة ابنه، فشعرت هذه بذلك الشعور الذي يندمج القلق فيه بالاحترام، والذي يفرضه وجود الأمير على كل من حوله، وأحست إحساس الرعية المخلصة عند اقتراب الملك، لاطف الأمير العجوز ليز بأسلوب ينقصه التوفيق، يدل على قصر باعه في مثل هذه المجاملات، فربت على مؤخرة رأسها ومس شعرها بيده، ثم قال بصوت أجش: إنني سعيد مفتون.

وبعد أن حدق في وجهها مرة أخرى متفحصا، أشاح بوجهه عنها فجأة، ومضى إلى مكانه على المائدة، وهو يقول: خذوا أماكنكم، خذوا أماكنكم، اجلس يا ميخائيل إيفانوفيتش.

وأشار إلى زوجة ابنه أن تجلس بقربه، فهرع خادم يحمل لها مقعدا إلى المكان المعين.

قال العجوز وهو يشير إلى ضخامة وسط زوجة ابنه: هه، هه! هذا يدل على الإسراع في الواجب . في! في!

وانفجر ضاحكا ضحكته الجافة الباردة المكروهة، ضحكة تصدر عن فمه، فلا تشاطره العينان فيها، أردف بإلحاح: ينبغي السير بأسرع ما يمكن، أسرع ما يمكن.

صفحه نامشخص