حرکات اصلاحیه
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
ژانرها
كان العالم العربي قد فقد استقلاله السياسي، وأصبح في عزلة تامة، وانقطعت الصلات بينه وبين غرب أروبا، وكان الناس يعيشون في ظلام العصور الوسطى، وزادت الحالة سوءا نتيجة لانتشار المتصوفة وانقلاب التصوف إلى نوع من الدروشة، فأصبح الناس يعتقدون في الخرافات والغيبيات، والسحر والشعوذة، وغدا كل مجذوب وليا من أولياء الله الصالحين، وكل أبله شيخا جليلا تلتمس بركاته ويرجى رضاؤه ودعواته، ونال كثير من الشيوخ مكانة مرموقة لدى العامة والمتعلمين، بل ولدى الخاصة والحكام؛ لتأليفهم رسائل في هذه الموضوعات، أو لاشتغالهم بقراءة الغيب، وعمل الأحجبة والتمائم والتعاويذ. (3) الدراسات الطبية
وأهم ما يعيب الحياة الثقافية في العالم العربي في هذا العصر العثماني أنها تأخرت كثيرا عما كانت عليه في القرون السابقة، ولعل خير دليل على هذا ما وصلت إليه حالة الطب مثلا من الناحيتين: النظرية والعملية.
ففي أوائل القرن السابع عشر كانت لا تزال هناك بقايا من العلوم الطبية التي عرفها المسلمون في عصورهم المزدهرة، وإن كانت قد تأثرت هذه البقايا كثيرا بالسحر والخرافات، ورغم هذا فقد ألفت في مصر وسوريا بعض الرسائل والكتب في الطب.
وخير هذه الكتب هو «تذكرة داود» لصاحبها داود الأنطاكي، وهو طبيب ضرير، ولد في أنطاكية، وفيها درس الطب وعلوم الأوائل واللغة اليونانية على رجل من العجم كان قد وفد على بلدته، ثم رحل داود بعد ذلك إلى دمشق، واستقر في القاهرة سنين طويلة، وزار مكة أخيرا، وبها توفي سنة 1008ه.
وكانت مهنة الطب تورث - كبقية المهن - في معظم الأحوال، ومع هذا لم يكن غريبا أن تجد قاضيا أو عالما يعين رئيسا للأطباء.
والظاهرة الجديدة أن المجتمع في مصر بدأ يستعمل - إلى جانب الطب العربي المعتمد على الطب اليوناني القديم - نوعا جديدا عرف بالطب النبوي، وهو أشتات من المعلومات القائمة على دراسة الإشارات الطبية والصحية الواردة في الأحاديث النبوية.
وقد أورد العالم الفرنسي «روييه
Rouyer » معلومات كثيرة عن حالة الطب في مصر
3
في أواخر القرن الثامن عشر في الفصل الذي كتبه في كتاب
صفحه نامشخص