حرکات اصلاحیه
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
ژانرها
درس شاه ولي الله الموقف في الهند في ذلك الوقت دراسة تحليلية، ونظر إليه نظرة السياسي الواقعي، وبذلك استطاع أن يشخص كل الأدواء التي تصيب كيان الدولة السياسي، وهو في كتابه «حجة الله البالغة» يشير في «باب سياسة المدينة» إلى أسباب الفوضى والمحن، فيقول: «وغالب سبب خراب البلدان في هذا الزمان شيئان:
أحدهما:
تضييقهم على بيت المال بأن يعتادوا التكسب بالأخذ منه؛ على أنهم من الغزاة، أو من العلماء الذين لهم حق فيه، أو من الذين جرت عادة الملوك بصلتهم: كالزهاد والشعراء، أو بوجه من وجوه التكدي، ويكون العمدة عندهم هو التكسب دون القيام بالمصلحة، فيدخل قوم على قوم، فينغصون عليهم، ويصيرون كلا على المدينة.
والثاني:
ضرب الضرائب الثقيلة على الزراع والتجار والمتحرفة، والتشديد عليهم حتى يفضي إلى إجحاف المطاوعين واستئصالهم، وإلى تمنع أولي بأس شديد وبغيهم، وإنما تصلح المدينة بالجباية اليسيرة، وإقامة الحفظة بقدر الضرورة، فليتنبه أهل الزمان لهذه النكتة.» (4-8) مقترحات شاه ولي الله لعلاج هذه الحالة
هذه هي أسباب الخراب كما صورها ولي الله، وقد وصف السبل لعلاجها في مؤلف آخر من مؤلفاته، وهو كتاب «التفهيمات الإلهية»، فهو في هذا الكتاب يقترح وسائل محددة لإعادة السلام إلى الدولة، وللقضاء على عوامل الفساد، يقول ولي الله مقدما النصيحة للملوك: «فرضاء الملأ الأعلى أن تنصبوا في كل ناصبة وفي كل مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة أيام أميرا عادلا؛ يأخذ للمظلوم حقه من الظالم، ويقيم الحدود، ويجتهد أن لا يحصل فيهم بغي ولا قتال، ولا ارتداد ولا كبيرة، ويفشو الإسلام، ويظهر شعائره، ويأخذ بفرائضه كل أحد.
ويكون لأمير كل بلد شوكة يقدر بها على إصلاح بلده، ولا يكون له شوكة يتمتع بسببها ويعصى على السلطان.
وينصب في كل إقليم كبير أميرا يقلده القتال فقط، يكون جمعه اثنا عشر ألفا من المجاهدين، لا يخافون في الله لومة لائم، يقاتلون كل باغ وعاد.
فإذا كان ذلك، فرضاء الملأ الأعلى أن يفتش حينئذ عن النظامات المنزلية والعقود ونحوهما؛ حتى لا يكون شيء إلا موافق الشرع، حتى يأمن الناس من كل وجه.»
4 (4-9) رسائل ولي الله كمرجع أصيل لدراسة الحالة في الهند في القرن 18، ومشروعاته واقتراحاته وجهوده لإصلاحها
صفحه نامشخص