وارتفع صوت الشيخ عفرة بالتلاوة.
4
وتتابعت الأيام على أنغام الأناشيد البهيجة الغامضة، وذات يوم قال الشيخ عفرة زيدان لشقيقه درويش: بلغت العشرين من عمرك فمتى تتزوج؟
فأجاب الفتى بفتور: عندما يشاء الله. - إنك حمال قوي، والحمال ذو رزق موفور. - عندما يشاء الله. - ألا تخشى على نفسك من الفتنة؟ - الله يحفظ المؤمنين.
فحرك المقرئ الضرير وجهه يمنة ويسرة وقال بأسف: لم تنتفع بالكتاب ولم تحفظ من كتاب الله سورة واحدة!
فقال بامتعاض: العمل هو ما يحاسب عليه، وإني أحصل على رزقي بعرق الجبين.
فتفكر الشيخ مليا وقال: في وجهك ندوب فما شأنها؟
فأدرك درويش أن امرأة أخيه قد وشت به، فرمقها مقطبا وهي عاكفة على إشعال الفرن بمساعدة عاشور، فقالت باسمة: أتتوقع مني يا درويش أن أخفي عن أخيك ما يضرك؟
وسأله الشيخ عفرة معاتبا: أتقلد أهل العنف والشر؟ - أحيانا يتحرش بي أهل الشر فأدافع عن نفسي. - يا درويش، لقد نشأت في بيت خدمة القرآن؛ شرفه وعزته، ألا ترى إلى سلوك أخيك الطيب عاشور؟
قال بحدة: ليس عاشور بأخي!
صفحه نامشخص