فقالت مداعبة: لا تغضب مثل الله. - متى تهذبين ألفاظك؟ - عظيم، ولم خلقنا بهذا القدر من السوء؟
فضرب الرمل براحته وتساءل: من أنا حتى أجيبك نيابة عنه عز وجل؟
ثم برجاء: علينا أن نؤمن به فقط، علينا أن نضع قوتنا في خدمته.
فانسحبت من الحديث جملة، وهتفت متشكية: الأيام تمر والوحدة ثقيلة أفظع من الموت.
فحول عنها ناظريه في صمت. إنها تنذر بالتمرد. هل تغادره هاربة بشمس الدين؟ وماذا يبقى له في الحياة؟
شمس الدين سعيد. يزحف فوق الرمل، يجلس ليعبث بالحصى، يعرف النوم ولا يعرف الملل، ينضج في الهواء والشمس، يجد غذاءه الطبيعي متوافرا. الحمار أيضا سعيد. يأكل، ينعم براحة كبيرة، يهش الذباب بذيله، يهيم في ملكوته مزودا بصبر لا نهائي، ويرمقه عاشور بعطف وتقدير. إنه صاحبه ورفيقه ومصدر رزقه، وبينهما مودة راسخة.
40
وتمضي الأيام. يقتربون من حافة الانهيار.
وذات يوم قال لها عقب عودته من الدراسة: يقولون هناك إن الهلاك يولي مدبرا.
فصفقت فلة وصاحت: لنرجع في الحال!
صفحه نامشخص