حقایق اسلام
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
ژانرها
ولم يكن عسيرا عليه أن يوفر لنفسه ولأهله من الطعام والكساء والزينة ما لم يتوفر لسيد من سادات الجزيرة في زمانه.
فهل فعل محمد ذلك بعد نجاحه؟
هل فعل محمد ذلك في مطلع حياته؟
كلا، لم يفعله قط بل فعل نقيضه، وكاد أن يفقد زوجاته لشكايتهن من شظف العيش في داره.
ولم يحدث قط أن اختار زوجة واحدة لأنها مليحة أو وسيمة، ولم يبن بعذراء قط إلا العذراء التي علم قومه جميعا أنه اختارها؛ لأنها بنت صديقه وصفيه وخليفته من بعده: أبي بكر الصديق - رضي الله عنه.
هذا الرجل - الذي يفتري عليه الأثمة الكاذبون أنه الشهوان الغارق في لذات حسه - قد كانت زوجته الأولى تقارب الخمسين، وكان هو في عنفوان الشباب لا يجاوز الخامسة والعشرين وقد اختارته زوجا لها؛ لأنه الصادق الأمين فيما اشتهر به بين قومه من صفة وسيرة، وفيما لقبه به عارفوه وعارفو الصدق والأمانة فيه. وعاش معها إلى يوم وفاتها على أحسن حال من السيرة الطاهرة والسمعة النقية، ثم وفى لها بعد موتها فلم يفكر في الزواج حتى عرضته عليه سيدة مسلمة رقت له في عزلته فخطبت له السيدة عائشة بإذنه، ولم تكن هذه الفتاة العزيزة عليه تسمع منه كلمة لا ترضيها غير ثنائه على زوجته الراحلة ووفائه لذكراها.
وما بنى - عليه السلام - بواحدة من أمهات المسلمين لما وصفت به عنده من جمال ونضارة، وإنما كانت صلة الرحم والضن بهن على المهانة هي الباعث الأكبر في نفسه الشريفة على التفكير في الزواج بهن. ومعظمهن كن أرامل مأيمات فقدن الأزواج أو الأولياء، وليس من يتقدم لخطبتهن من الأكفاء لهن إن لم يفكر فيهن رسول الله.
فالسيدة سودة بنت زمعة مات ابن عمها المتزوج بها بعد عودته من الهجرة إلى الحبشة، ولا مأوى لها بعد موته إلا أن تعود إلى أهلها فيكرهوها على الردة أو تتزوج بغير كفء لها أو بكفء لها لا يريدها.
والسيدة هند بنت أبي أمية - أم سلمة - مات زوجها عبد الله المخزومي، وكان أيضا ابن عمها، أصابه جرح في غزوة أحد فقضى عليه، وكانت كهلة مسنة فاعتذرت إلى الرسول - عليه السلام - بسنها لتعفيه من خطبتها، فواساها قائلا: سلي الله أن يؤجرك في مصيبتك وأن يخلفك خيرا، فقالت: ومن يكون خيرا لي من أبي سلمة؟ وكان الرسول عليه السلام يعلم أن أبا بكر وعمر قد خطباها فاعتذرت بمثل ما اعتذرت به إليه، فطيب خاطرها وأعاد عليها الخطب حتى قبلتها.
والسيدة رملة بنت أبي سفيان تركت أباها وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة، فتنصر زوجها وفارقها في غربتها بغير عائل يكفلها، فأرسل النبي - عليه السلام - إلى النجاشي يطلبها من هذه الغربة المهلكة وينقذها من أهلها إذا عادت إليهم راغمة من هجرتها في سبيل دينها، ولعل في الزواج بها سببا يصل بينه وبين أبي سفيان بوشيجة النسب فتميل به من جفاء العداوة إلى مودة تخرجه من ظلمات الشرك إلى هداية الإسلام.
صفحه نامشخص