حقایق اسلام
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
ژانرها
والعقل كذلك لا يستطيع أن يعتقد أن الإنسان المكلف والحجر الجامد سواء في الاختيار، ولا يستطيع أن ينكر التفاوت بين الناس في الحرية أو التفاوت بين أعمال الفرد الواحد في الاختيار على حسب الرغبة والمعرفة.
وإنما تبرز المشكلة عندما تمس الإنسان في شعوره، ويحتاج إلى التوفيق بين قدرة الله وعدله فيما يصيبه من ألم الجزاء وعذاب الندم والتبكيت.
ولا شك عندنا في حقيقة واحدة نعتقد أنها تلم شعث الخلاف كثيرا بعد طول التأمل فيها ...
تلك الحقيقة أن العدل الإلهي لا تحيط به النظرة الواحدة إلى حالة واحدة، ولا مناص من التعميم والإحاطة بحالات كثيرة قبل استيعاب وجوه العدل في تصريف الإرادة الإلهية.
إن البقعة السوداء في الصورة الجميلة وصمة قبيحة إذا حجبنا الصورة ونظرنا إلى تلك البقعة بمعزل عنها، ولكن هذه البقعة السوداء قد تكون في الصورة كلها لونا من ألوانها التي لا غنى عنها، أو التي تضيف إلى جمال الصورة ولا يتحقق لها جمال بغيرها.
ونحن في حياتنا القريبة قد نبكي لحادث يصيبنا، ثم نعود فنضحك أو نغتبط بما كسبناه منه بعد فواته.
فالنظر إلى الكون في ألف سنة يكشف لنا من دلائل التوفيق بين القدرة الإلهية والعدل الإلهي ما لا تكشفه النظرة إليه في سنة واحدة، وندع القول عن النظرة للحادث الواحد في الناحية الواحدة من حياة فرد بعينه من أفراد الأمم الإنسانية.
وعلى هذا النحو نقول إننا نقترب من التوفيق بين القدرة الإلهية والعدل الإلهي، ولا نقول إننا نحيط بدلائل هذا التوفيق جميعها؛ فإن الإحاطة بدلائل الحكمة الإلهية أمر غير معقول في حكم العقل نفسه؛ إذ كان العقل المحدود لا يحيط بالقدرة التي ليست لها حدود.
وعلى هذا النحو تتوارد آيات القرآن الكريم عن قدرة الله، وعن حرية الإنسان، وعن عدل الله في إجراء قدرته ومحاسبة المخلوق على حريته:
وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (الإنسان: 30)،
صفحه نامشخص