حقایق اسلام
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
ژانرها
وواجب الكبار فيه كواجب الصغار؛ فليس من المسلمين كبير لا يرحم الصغير وصغير لا يوقر الكبير، كما جاء في الحديث الشريف: «ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر.»
وإنه لمما ييسر هذا التعاون بين طوائف الأمة أن تقرر فيها كفالة الضعفاء فرضا محتوما على القادرين، وأن يمتنع حبس المال في أيدي فريق من الناس؛ فلا إفراط في الغنى ولا إفراط في الفاقة، ولا استئثار ولا حرمان.
ولا تحل مشكلة الطبقات بالرأي أو بالواقع إلا على هذا النحو الذي ينتهي إلى إزالة حرب الطبقات ولا ينتهي إلى إزالة الطبقات؛ فالعالم بخير ما دام فيه أنواع الكفايات وفوارق المزايا والصفات، وما دامت هذه الأنواع والفوارق فيه يتمم بعضها بعضا ويجري بعضها على معونة بعض. والعالم على شر ما يكون إذا زال فيه كل خلاف بزوال الأداة المختلف عليها: يتنازع الناس الأموال فتزول الأموال، ويتنازعون الحكم فيزول الحكم، ويتنازعون الحرية فتزول الحرية، وما هم في الحق بقادرين على إزالة شيء واحد يتنازعون عليه، فلو أزالوا فوارق الأرزاق لم يزيلوا الفوارق بينهم على الذكاء والغباء، أو على القوة والضعف، أو على الجاه والخمول، أو على الوسامة والدمامة، أو على الذرية والعقم ... ولو أنهم أزالوها لزالوا أجمعين، ولكنهم باقون برحمة الله
ولا يزالون مختلفين (هود: 118). (6) الرق
شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق؛ إذ كان الرق مشروعا قبل الإسلام في القوانين الوضعية والدينية بجميع أنواعه: رق الأسر في الحروب، ورق السبي في غارات القبائل بعضها على بعض، ورق البيع والشراء، ومنه رق الاستدانة أو الوفاء بالديون.
وكانت اليهودية تبيحه، ونشأت المسيحية وهو مباح فلم تحرمه، ولم تنظر إلى تحريمه في المستقبل، وأمر بولس الرسول العبيد بإطاعة سادتهم كما يطيعون السيد المسيح، فقال في رسالته إلى أهل أفسس:
أيها العبيد! أطيعوا سادتكم حسب الجسد بحوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، ولا بخدمة العين كما يرضي الناس، بل كعبيد المسيح عاملين مشيئة الله من القلب خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أم حرا.
وأوصى الرسول بطرس بمثل هذه الوصية، وأوجبها آباء الكنيسة؛ لأن الرق كفارة من ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوه من غضب السيد الأعظم، وأضاف القديس الفيلسوف توما الأكويني رأي الفلسفة إلى رأي الرؤساء الدينيين فلم يعترض على الرق بل زكاه؛ لأنه - على رأي أستاذه أرسطو - حالة من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية، وليس مما يناقض الإيمان أن يقنع الإنسان من الدنيا بأهون نصيب.
ومذهب أرسطو في الرق أن فريقا من الناس مخلوقون للعبودية؛ لأنهم يعملون عمل الآلات التي يتصرف فيها الأحرار ذوو الفكر؛ فهم آلات حية تلحق في عملها بالآلات الجامدة، ويحمد من السادة الذين يستخدمون تلك الآلات الحية أن يتوسموا فيها القدرة على الاستقلال والتمييز؛ فيشجعوها ويرتقوا بها من منزلة الأداة المسخرة إلى منزلة الكائن العاقل الرشيد.
وأستاذ أرسطو - أفلاطون - يقضي في جمهوريته الفاضلة بحرمان العبيد حق «المواطنة»، وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار من سادتهم أو من السادة الغرباء، ومن تطاول منهم على سيد غريب أسلمته الدولة إليه ليقتص منه كما يريد.
صفحه نامشخص