حنین به خرافه: فصولی در علم زائف
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
ژانرها
وكما قلنا من قبل: قد يزل العالم أحيانا ويحيد عن الجادة العلمية، ومن العدل كشفه وتقويمه، ولكن ما دام الحقل الكلي، المنظومة، المؤسسة، ماضية على الصراط العلمي تصحح الأخطاء وتراجع الدعاوى، فليس من الإنصاف وصمها بالعلم الزائف الذي تكون فيه هذه الانحرافات هي الأصل وهي المعيار. (3-2) الانعزال
من مظاهر القوة في العلم أن أفرعه العديدة مترابطة فيما بينها يدعم أحدها الآخر، وهي إن لم تتساند ويخصب أحدها الآخر فهي على الأقل لا تتناقض فيما بينها. أما العلوم الزائفة فالأمر فيها غير ذلك؛ فهي عادة منعزلة عن التيار الرئيسي للبحث ومنظماته، وعن العاملين في الحقول الأكاديمية ذات الصلة، وبسبب هذا القصور في الحوار تميل العلوم الزائفة إلى اقتناء عدد كبير من المصطلحات والتعريفات الشاذة، وتكثر فيها التعبيرات والتقنيات غير المألوفة، وقلما يشارك أصحاب العلوم الزائفة في الرابطات العلمية المعنية بالموضوعات ذات الاهتمام المشترك. والحق أن كثيرا منهم مناوئ على نحو سافر للتاريخ البحثي السابق في المجالات التي تتصل بمجالهم اتصالا وثيقا. إنهم لا يقفون على أكتاف العمالقة - كما فعل نيوتن فيما يقول - بل يفضلون أن يقفوا في وجههم.
ونتيجة لهذا الانعزال يبدو أصحاب العلم الزائف عندما يجادلون نقادهم جاهلين جهلا عجيبا بالمفاهيم الأساسية لمجالهم، تلك المفاهيم التي ينبغي أن يكونوا ملمين بها، وأن تكون عونا لهم في البحث، وهم قلما يستخدمون المعرفة الراسخة من المباحث العلمية المعترف بها استخداما ملائما، وإذا احتكموا إليها فغالبا ما يكونون انتقائيين أو عتيقي الزي ومنقطعي الصلة بالجديد في هذه المباحث.
ونادرا ما يسلم أصحاب العلم الزائف نتائجهم وعملهم النظري إلى مجلات أكاديمية محكمة، والأرجح أن يظهر عملهم في الصحافة العامة أو في مجلات مملوكة لهم وتابعة لمنظماتهم ذاتها، أو لدى ناشرين مأجورين. ومن أمارات العلم الزائف أيضا أن الكتب الدراسية التي يستخدمها ممارسوه، والكتب الشعبية في الموضوع التي كتبت لعامة الناس، هي غالبا نفس الشيء، وهذه الأمارة تجدها بصفة خاصة في علم الخطوط.
ومن العلوم الزائفة ما يناقض المعلومات الراسخة في مجال ما من العلم التقليدي، فتكون أحكامه غير متسقة مع النظريات والملاحظات الثابتة أو مع المنطق، ومنها ما يتجاوز ذلك ويمضي في طريق معاكس للمبادئ الأساسية التي تتبطن الإطار العلمي الكلي؛ فكثير من العلوم الزائفة تتطلب افتراضات تتحدى الحس المشترك وخبرة الحياة اليومية، أي إنها مضادة لما أسماه الفيلسوف
C. D. Broad «المبادئ الضابطة الأساسية»
Basic Limiting Principles ، مثل:
العلية تتجه من الماضي إلى المستقبل (سهم الزمن)؛ ومن ثم فلا يمكن لحدث ما أن تكون له معلولات سابقة على حدوثه.
لا يمكن لأي حدث تم في تاريخ معين أن يسهم في تسبيب حدث يبدأ في تاريخ لاحق ما لم تكن الفترة بين التاريخين مشغولة بالطريقة التالية: لا بد أن يبدأ الحدث عملية (أو تغيرا بنيويا) يستمر خلال هذه الفترة الفاصلة ويسهم في بدء الحدث اللاحق.
لا يمكن لأي حدث يحدث في مكان وزمان معينين أن يحدث معلولا في مكان بعيد ما لم تكن الفترة الفاصلة بين الحدثين مشغولة بسلسلة علية من الأحداث تحدث متتالية ومستمرة بين الزمنين والمكانين.
صفحه نامشخص