حنین به خرافه: فصولی در علم زائف
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
ژانرها
18
أو أوديسيوس تلك التي يقدمونها، بل صورة آكل اللوتس
Lotus-Eater ،
19
وإن الحلم هو بمخطط للأشياء لا يواجه فيه البشر مآزق، وتتاح فيه كل الأشياء الخيرة على السواء، تسر إلينا حركة اللامعقول أن المصاعب والقيود لا وجود لها في العالم إذا نحن فهمنا العالم على وجهه، وأن مناهجنا العقلانية التي تظهر لكي تخفف هذه المصاعب والقيود هي التي تخلقها! (10) لم اللامعقول؟
ثمة ملامح خاصة للمشهد الراهن تساعدنا في تفسير الرواج الكبير للامعقول، ونوعية الجمهور واللغة والأسلوب الخاص لهذا اللامعقول، بين هذه الملامح: الحاجات التسويقية وعادات الاقتصاد التنافسي وخصوصيات وضع الشباب وثقافة العقاقير وشغف لاهوتيي التحرير في التوحد مع ما هو جديد أو ما يبدو جديدا.
وهناك عوامل أخرى، منها: الأذى الذي ألحقته التغيرات التكنولوجية المنفلتة، ومنها بعض العلماء الذين زلت أقدامهم إلى مواقف علمية زائفة، ومنها الأذى الذي ألحقه بالعلم بعض العلماء، وبخاصة من علماء الاجتماع، الذين بالغوا في تقدير ما لديهم من علم صحيح وقابل للتطبيق فتقدموا - بثقة - بحلول لمشكلات اجتماعية تبين أنها ليست أكثر من خليط من الأمل الكاذب والأحكام الأخلاقية الضيقة.
حين نتفحص طبيعة حجج اللامعقول ندرك أن النزاع بين مؤيدي المناهج العقلانية ومعارضيها يمثل انقساما قديما في الروح الغربية: في الخلافات بين السوفسطائيين والفيثاغوريين، بين المسيحيين الأرسطيين والمسيحيين الأوغسطينيين، بين الدومينيكان والفرنسيسكان، بين كولريدج والنفعيين، بين هنري برجسون وبرتراند رسل. في هذه الخلافات نجد تكريرا متعاقبا لنفس الدراما، وهي تعلو لدرجة الحمى عندما يتسارع الكشف العلمي وتبدو الكشوف التي يصنعها العلم هادمة أكثر فأكثر للاعتقادات الموروثة أو العقائد الاجتماعية أو عادات الفعل أو القوانين، ومقوضة لصواب الآمال والضغائن القديمة ووجاهتها. في مثل هذه الظروف يقدم اللامعقول وعدا بالانفراج والمناعة، ورغم أن اللامعقول لا يشير إلى شر ما إلا على نحو أخرق، فالحق أن هذا الشر قائم هناك. لقد دأب المنهج العقلاني على التركيز فيما يؤدي إلى تقدم المعرفة والتقنية، وقلما التفت إلى فحص الأغراض التي تسخر لها هذه المعرفة وهذا الذكاء، ومن الطبيعي أن العلم في هذه الحال سيبدو بالضرورة أشبه بفرانكنشتاين عند من يتهددهم العلم.
وفي خاتمة مقاله يضيف تشارلس فرانكل ملاحظة أخيرة، هي أنه كثيرا ما تنجم الخلافات بين المعقول واللامعقول - على الأقل في حالاتها الأخف - عن نوع من سوء التفاهم، فالاختلاف في بعض الأحيان لا يعدو أن يكون اختلاف ذائقة واختلاف أسلوب؛ فيؤخذ ذلك على أنه اختلاف أخلاقي ومعرفي جوهري، وعلى الذين لا يطيقون اختلاف الذوق والأسلوب أن يأخذوا بمبدأ التعايش: عش ودع غيرك يعش. (11) بقاء الخرافة بين الشرق والغرب
تبدو مظاهر التفكير الخرافي في الغرب ضربا من الردة، من الحنين (نوستالجيا)، من «النكوص»
صفحه نامشخص