حنین به خرافه: فصولی در علم زائف
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
ژانرها
إذا فحصنا القضية الأولى - قضية التمييز بين «المظهر» و«الواقع» - لوجدنا أن هذا التمييز هو شيء لا ينفرد به تيار اللامعقول، فالعملية العلمية ما تنفك تفعل الشيء نفسه، وذلك بطريقتين؛ الأولى: أنها تقاوم أو تعيد تأويل البنية الكثيفة لحواسنا (تأمل كوبرنيقوس وجاليليو على سبيل المثال)، والثانية: أنها تخترق ستار الاعتقاد القائم، مستبدلة بالأفكار المدعومة بالرأي التقليدي أو السلطة الرسمية أفكارا أخرى تستند إلى أدلة مستقلة وغير شخصية.
كيف يقال إن البحث العقلاني يقلص أبعاد الخبرة البشرية وينقصها من أطرافها؟! كيف يقال ذلك والبحث العلمي العقلاني هو الذي أماط اللثام عن العوالم السحيقة غير المرئية التي تتبطن العالم المرئي، العالم تحت الذري، العالم الجيني أو الدنا
DNA ، على سبيل المثال، قصة التطور المروية في الحفريات والمنقوشة في أدمغة الصخور وأنوية الخلايا.
العلم أيضا يميز - على طريقته - بين المظهر والواقع، وإنه ليفعل ذلك على نحو أكثر حدة من أي ضرب من ضروب اللامعقول. لقد جرد الطبيعة من صفاتها الأنثروبومورفية
anthropomorphic
والإحيائية
animistic
التي هي مظهر لا واقع وراءه، وقدم لها صورة غير بشرية، وغير خاضعة لقانون أخلاقي، وغير مفصلة على مقاس العواطف والأماني البشرية.
ويدعي أنصار اللامعقول أن مناهج ما يسمى ب «البحث العقلاني» هي أيضا معيبة قاصرة؛ لأنها ترتكز في النهاية على افتراضات مسبقة
presuppositions ، ومن ثم فهي تفصل تصور الواقع على مقاس معايير مسبقة، ويظن أنصار اللامعقول أنهم يؤدون استكشافاتهم للواقع دون أن يسقطوا ضحية لهذه الضرورة البشرية (ضرورة الافتراض المسبق): فهم يطفون على بحر الخبرة، يتشربون كل شيء، ولا يقحمون من عندهم شيئا، وللرد على هذه الدعوى نقول: إن مثل هذا الأداء اللامعقول - عدا أنه مستحيل سيكولوجيا - لا يفضي إلى شيء ولا يثمر شيئا؛ إنه ليكون التقاء باللامحدد واللامعرف واللامتصور واللامتذكر!
صفحه نامشخص