رأيت عبدا أسود حبشيا لبني أسيد قدم من شق اليمامة فصار ناورا، وكان وحشيا مجنونا لطول الغربة مع الإبل، وكان لا يلقى إلا الأكرة، فلا يفهم عنهم ولا يستطيع إفهامهم، فلما رآني سكن إلي، وسمعته يقول: لعن الله أرضا ليس بها عرب، قاتل الله الشاعر حيث يقول:
" حر الثرى مستعرب التراب ".
أبا عثمان، إن هذه العريب في جميع الناس كمقدار القرحة في جلد الفرس، فلولا أن الله رق عليهم فجعلهم في حشاة لطمست هذه العجم آثارهم. أترى الأعيار إذا رأت العتاق لا ترى لها فضلا! والله ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقتلهم، إذ لا يدينون بدين، إلا لضنه بهم، ولا ترك قبول الجزية منهم إلا تنزيها لهم.
وقيل لأعرابي: ما السرور؟ فقال: أوبة بغير خيبة، وألفة بعد غيبة.
وقيل لآخر: ما السرور؟ قال: غيبة تفيد غنى، وأوبة تعقب منى. وأنشأ يقول:
وكنت فيهم كممطور ببلدته
يسر أن جمع الأوطان والمطرا
وأحسن ما سمعنا في حب الوطن وفرحة الأوبة قوله:
صفحه ۴۰۶