وسرت رجفة في كياني، ولم أشعر إلا وأنا أضع يدي على فمه، وأقول: لا تقل ذلك! لا أستطيع. هل نسيت زوجتك؟ - إنني أشعر أنني أرتبط بك أنت ولا أرتبط بها، إنني لا أستطيع أن أتخلى عنك، لم يكن زواجي إلا وظيفة ألقيت على عاتقي. - لا، لا تقل هذا، سأعود إلى القرارات مرة أخرى.
قال في حزم: أنت لا تملكين إصدار هذه القرارات وحدك، إنك لم تعودي وحدك، لقد ارتبطنا، أي قرار إن كان هناك قرارات، يجب أن نصدره معا، ونوافق عليه معا.
واقتربت يداه مني تبحثان عن يدي، وعثر عليهما، واستكانت يدي بين كفيه الكبيرتين الدافئتين، كما يستكين العصفور الوليد في صدر أمه.
ومرة أخرى لم تكن سوى لحظة، لحظة استكانة قصيرة، غافلت فيها عاطفتي عقلي، وتسربت مني تريد أن تمارس حقها في أن تعيش.
لحظة قصيرة لمعت كالبرق، ثم أدبرت سريعا، وتنبه عقلي، وانتزع قلبي من بين كفيه الحانيتين الدافئتين.
ونظر إلي فنظرت بعيدا عنه في صفحة النيل، وسمعته يقول في مرارة وألم: إنك لم تحبيني!
وافترقنا بلا قرار على ألا نعود، ومضى يوم، واثنان، وثلاثة، وأربعة.
وبت الليل مؤرقة أفكر، وبدا لي السرير خشنا، كأنه مصنوع من الحجر، وبدت لي الوسادة يابسة، كأنها مليئة بالمسامير، وبدا لي الليل طويلا ممتدا، كأنه لن ينتهي، وعيناي الحمراوان المسهدتان تجوبان في ظلمة الليل، تبحثان عن أشياء أحسها ولا أفهمها، وأفهمها ولا أصدقها، وأصدقها فأعود لا أفهمها.
لماذا قلت له لا؟ لماذا تخليت عن حياتي؟
وتقلب كياني المرهق ينشد مكانا على السرير أقل خشونة، وتحرك رأسي الثقيل على الوسادة، يتلمس بقعة خالية من المسامير، سأطلبه في الصباح وأسحب هذه اللا.
صفحه نامشخص