هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شىء
ولك ألا تقدر ليعلم مفعولا بأن تنزله منزلة اللازم، ولا تستحضر متعلق العلم فى قلبك، ولا تستشعر أنه كذا ولا كذا، كأنه قيل وأنتم أهل للعلم والنظر والرأى، ولو تأملتم أدنى تأمل لاضطر عقلكم إلى العمل، بمقتضى أنه الخالق الرازق، ومقتضى ذلك هو ألا تعبدوا سواه، وإذا قدرت المفعول، فالمقصود التهديد على فسادهم، لا تقييد النهى عن الأنداد بالعلم بالمفعول، فإن العالم والجاهل المتمكن من العلم سواء فى التكليف بترك الأنداد. والتهديد هنا أوكد من التهديد فى عدم تقدير المفعول وهو مقصود فيهما جميعا وجملة أنتم تعلمون، حال من واو تجعلوا. قال اليافعى قوله
يا أيها الناس اعبدوا ربكم
إلى { وأنتم تعلمون } لصرف الآفات والعاهات والحيات والأذى عن الجنان والزرع والحدائق وجميع الأشجار. يتطهر ويصوم يوم الخميس ويخرج يوم الجمعة سحرا ويصلى فى أركان الموضع الأربعة ركعتين فى كل ركن متصلات، الأولى بأم القرآن وأرأيت الذى يكذب، والثانية بأم القرآن والفيل وقريش.. ويكتب الآية بقلم الزيتون أو الطرفا أو الطومار فى ورقة خضراء من الطومار بزعفران وماء ورد، ويبخر بعود، ويجعلها فى قصبة، ويقرأ الآية أيضا عليها ويجعلها فى رأس أعلى الشجرة، وكذا من أراد حفظ بلد ودار بجعلها فى أعلاه ويصلى فى أركانه قبل الجعل.
[2.23]
{ وإن كنتم فى ريب } شك { مما نزلنا على عبدنا } محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب - صلى الله عليه وسلم - وقرأ بعضهم { على عبادنا } أى محمد وأمته، والإضافة فى القراءتين تشريف وتنبيه، على أنه أو أنه وأمته على اختصاص بالله وانقياد لحكمه. روى أن اليهود قالوا إن القرآن ليس وحيا لأنه لم يشبه كلام الوحى، فنزلت الآية تحديا لهم أنه إن كان من كلام البشر فليأتوا بمثله. وعلى هذا فالخطاب لليهود، وهذا أنسب بالقراءة الثانية. وقيل قال لك كفار مكة فنزلت. ويجمع بينهما بأن اليهود قالته فتبعتهم كفار مكة. وكذا يقال فى قوله تعالى
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة
ووجه قولهم أنه لا يشبه الوحى، أنهم سمعوا أنه ينزل شيئا فشيئا بحسب الوقائع. كما يركب الشاعر قصيدته شيئا فشيئا والتأثر كلامه شيئا فشيئا والخطيب خطابته. { فأتوا بسورة من مثله } وأنتم أفصح العرب العرباء وأبلغهم وفى كثرة العدد والمضادة والمضارة وحب المغالبة مشمرون فى ذلك فاجهدوا جهدكم فى ذلك لعلكم تأتون بسورة من مثله تركبونها شيئا فشيئا. { وادعوا شهدآءكم } آلهتكم. وقال ابن عباس من شهدكم وحضركم من عون ونصير. { من دون الله } ليعينوكم على ذلك. { إن كنتم صادقين } فى قولكم إنه من كلام البشر والسورة من القرآن أو التوراة أو الإنجيل أو غير ذلك من كتب الله طائفة مسماة باسم خاص أقلها ثلاث آيات. وذكر الجعبرى أن السورة قرآن يشتمل على آى ذى فاتحة وخاتمة، وأقلها ثلاث آيات. والواو أصل وهى منقولة من سورة المدينة لأنها محيطة بطائفة من القرآن مفرزة محورة على انفرادها مجتمعة اجتماع البيوت، كما يحيط سور المدينة ببيوتها، ومن هذا المعنى السوار لإحاطته بالساعد، أو لأنها محيطة بأنواع من العلم إحاطة السور بالمدينة والسوار بالساعد. وقيل سميت سورة لأنها مرتفعة الشأن لأنها من كلام الله، والسورة المنزلة الرفيعة. قال النابغة
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها بتذبذب
وقال أيضا من قصيدة أخرى له
صفحه نامشخص