هميان الزاد إلى دار المعاد

قطب اطفیش d. 1332 AH
252

هميان الزاد إلى دار المعاد

هميان الزاد إلى دار المعاد

ژانرها

لئن أشركت

وقوله جل وعلا

ولا تطع الكافرين

ونحو ذلك. { بعد الذى جاءك من العلم } أى من الوحى المعلوم صحته بالبراهين أو من الدين المعلوم صحته، فالعلم مصدر بمعنى معلوم، وذلك على عمومه، وكذا المراد العموم فى قوله { أهواءهم } ، ودخل فى ذلك أمر القبلة وهى الكعبة، قبلة إبراهيم عليه السلام، أى لا تتابعوهم فى تركها، ويحتمل أن يراد بالعلم البيان للتلازم بين العلم والبيان، لأن من علم شيئا فقد بان له، ولأنه إنما يبين الشئ لغيره من علمه، ولأن من شأن من علم أن يبينه لغيره، أى بعد ما بينه الله لك من أمر القبلة وسائر الدين. { ما لك من الله من ولى ولا نصير } من الأولى متعلقة بولى، ونقدر أخرى لنصير والثانية صلة للتأكيد، أى مالك حافظ من عذاب الله ولا مانع منه، والولى مأخوذ من ولاية الأمر، لأن الولى يلى أمر وليه، وولى فاعل لك أو مبتدؤه، وجملة مالك إلخ جواب القسم، والمقدر قبل إن المدلول عليه باللام وجواب إن محذوف دل عليه القسم، وجوابه كما يقال فى قولك والله إن عمرا قائم إن قام زيد.

[2.121]

{ الذين آتيناهم الكتاب } قال ابن عباس نزلت فى أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبى طالب، وهم أربعون رجلا، اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة، وثمانية من رهبان الشام، منهم بحيرا الراهب. وقال الكلبى هم الرهط الذين آمنوا من أهل الكتاب، اثنان وثلاثون من الحبشة الذين أقبلوا مع جعفر من أرض الحبشة، وثمانية من رهبان الشام، وسبعة من اليهود منهم عبدالله بن سلام، وابن صوريا. وقال ابن زيد المراد من أسلم من بنى إسرائيل، وقيل مؤمنو أهل الكتاب مثل عبدالله بن سلام. وقال ابن مسعود، ومجاهد، وقتادة، المراد الذين أسلموا من العرب وغيرهم فى زمانه، صلى الله عليه وسلم، ولقوه. وقيل المؤمنون عامة، فاكتاب على قول ابن عباس وقول الكلبى وقول ابن زيد والقول بعده هو التوراة وعلى القولين الآخرين القرآن. والذين مبتدأ خبره قوله تبارك وتعالى. { يتلونه حق تلاوته } واستأنف فى مدحهم بقوله { أولئك يؤمنون به } ويجوز أن يكون هذا خبرا ثانيا، ويجوز أن يكون { يتلونه حق تلاوته } حالا مقدرة من هاء آتيناه، أو من الكتاب أو الهاء والكتاب، وإنما قلت مقدرة لأن إيتاء الله الكتاب لهم لم تقارنه تلاوتهم إياه من أول الأمر، بل بعد { وأولئك يؤمنون به } خبر، ومعنى { يتلونه } أي يقرءونه حق قراءته بألا يحرفوه ولا يزيدوا فيه ولا ينقصوا منه، وسميت القراءة تلاوة، لأن القارئ يتبع فى قراءته حرفا بحرف، وكلمة بكلمة، وآية بآية، وسورة بسورة ونحو ذلك من الأجزاء، يقال تلاه أى تبعه. قال الله تعالى

والقمر إذا تلاها

أى تبعها، وقد فسره بن عباس وعكرمة ومجاهد باتباعه فى العلم حق الاتباع، بأن يفعلوا ما أمرهم به الله فيه، وينتهوا عما نهاهم عنه فيه، ويؤمنوا بمتشابهه ويكلوه إلى الله تعالى، ويحتمل أن يكون المعنى يتبعونه بتدبر معانيه، والتفكر فيها واستخراج أسراره، وعن ابن مسعود معنى يتلونه حق تلاوته أن يحلوا حلاله ويحرموا حرامه، وأن يقرأ كما أنزله الله، ولا يحرفه عن مواضعه، ويحتمل أن يراد مجموع ما ذكر عن ابن مسعود مع التدبر والتفكر، واستخراج أسراره، والهاء فى به عائدة للكتاب، سواء قلنا إنه التوراة أو القرآن، أى الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته، الذين هم يؤمنون به دون من يحرف لفظه، أو يزيد أو ينقص أو يحرف معناه، ويجوز عودها للعلم فى قوله تعالى

بعد الذى جاءك من العلم

فإن من يحرف التوراة مثلا لا يؤمن بما جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، من العلم، ويجوز عودها إلى هدى الله، ويجوز عودها إلى محمد، صلى الله عليه وسلم، فإن من يتلو التوراة حق تلاوتها هو الذى يؤمن به، صلى الله عليه وسلم، لأن التوراة قد وصفته.

صفحه نامشخص