فلو كان معطوفا على مدخول لا الناهية لحذف النون، ولما أثبتها علمنا أنه غير معطوف عليه، فهو فى قراءته حال لازمة، لأن لبس الحق بالباطل أبدا فيه كتم له، وهذا على قول من أجاز مجئ الحال جملة فعلية فعلها مضارع مثبت مجرد من قد والسين وسوف، مقرون بالواو، أو خبر لمحذوف، والجملة حال على القول بالمنع، أو هو مستأنف. والله أعلم. قالوا من كتب قوله تعالى { يا بنى إسرائيل } إلى { تعلمون } فى خرقة من ثوب صبية لم تبلغ الحلم ليلة الاثنين عقب خمس ساعات من الليل ثم وضعها على صدر أمراة نائمة أخبرت بما علمت إن شاء الله.
[2.43]
{ وأقيموا الصلاة } أل للجنس أو للعهد، وعلى كل حال المراد الصلوات الخمس. { وآتوا الزكاة } النبى أى صيروها آتية إياه حاضرة بين يديه، يفرقها فى أهلها ويجعلها فيما يقوى الإسلام، زكاة العين والأنعام والحبوب، فذلك صلاة المؤمنين وزكاتهم، وأما صلاة هؤلاء الأواخر وزكاتهم، فلا تفيدانهم شيئا، بل تزيدانهم عذابا، أمرهم الله جل وعلا بفروع الإسلام بعد أمره إياهم بأصوله، فهذا نص فى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما يخاطبون بأصولها، فهم معاقبون على ترك الفروع كما يعاقبون على ترك الأصول، ومثل ذلك قوله تعالى
ما سلككم فى سقر قالوا لم نك من المصلين..
إلى آخره ولا فرق فى ذلك بين من جحد الله وبين من جعل له شريكا، وبين من أقر بالله وجحد بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، وليس ذلك مختصا بمشركى هذه الأمة. والمراد بالزكاة هنا وفى مثل هذا المقام نفس الجزء الذي يخرج من المال، لا إخراجه لقوله { آتوا } سمى باسم المصدر مبالغة فى أن بركة المال تزكوا به، وكذا ثواب الأعمال وفضيلة الكرم فى النفس، أو فى أن المال يطهر بها من الخبث والتلف، والنفس من البخل، فإن الزكاة لغة تستعمل بمعنى النمو وبمعنى الطهارة. { واركعوا } صلوا الصلوات الخمس. { مع الراكعين } المصلين لهن بالجماعة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. روى الربيع بن حبيب عن أبى عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم
" الصلاة فى الجماعة خير من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة "
وعن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم
" بخمس وعشرين درجة "
وقد ذكر أبو عبد الله محمد بن عمرو بن أبى ستة فى حاشية ترتيب مسند الربيع الجمع بينهما، بأن يكون الخمس والعشرون فى بعض الناس لقرب ديارهم من المسجد، أو لضعف إخلاصهم أو طهارتهم، أو خشوعهم أو إمامهم، والسبع والعشرون لغيرهم، وبنحو ذلك، والآية دليل على وجوب صلاة الجماعة إذا كانت الجماعة مستقيمة، عبر عن الصلاة بجزئها وهو الركوع، ويجوز أن يراد به الخضوع أى اخضعوا مع الخاضعين لأمر القرآن، ومحمد صلى الله عليه وسلم. قال الأصبط السعدى بن قريع، قال زكريا هو من شعراء دولة بنى أمية
لا تهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه
صفحه نامشخص