قال آدم يا رب قد سلطته على وأنا لا أمتنع منه إلا بك. قال لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء، قال يا رب زدنى، قال حسنة بعشرة أمثالها وأزيدها، والسيئة بواحدة وأمحوها، قال يا رب زدنى. قال
يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم
قال يا رب زدنى، يا رب اغفر لنا، قال أغفر ولا أبالى. قال حسبى. ويروى أن إبليس - أعاذنا الله منه - قال يا رب لعنتنى وأخرجتنى من الجنة، وجعلتنى شيطانا مريدا مذموما مدحورا، وبعثت فى بنى آدم الرسل، وأنزلت عليهم الوحى والكتاب، فما رسلى؟ قال رسلك الكهنة، قال فما كتبى؟ قال كتبك الوشم. قال فما حديثى؟ قال حديثك الكذب. قال فما قراءتى؟ قال قراءتك الشعر. قال فما مؤذنى؟ قال مؤذنك المزمار. قال فما مسجدى؟ قال مسجدك السوق. قال فما بيتى؟ قال بيتك الحمام. وقال فما طعامى؟ قال طعامك ما لم يذكر اسم الله عليه. قال فما شرابى؟ قال شرابك كل مسكر. قال فما مصائدى؟ قال مصائدك النساء. وروى مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس أن إبليس لما خرج من الجنة ألقى الله عليه الحكة والحرقة، فنكح نفسه فباض أربع بيضات، فمنها ذريته. ويروى أن إبليس لعنه الله لقى آدم - عليه السلام - فلامه على صنيعه، وقال يا ملعون، أى شىء هذا الذى أحللت بى وبذريتى، وعزرتنى وأخرجتنى من الجنة، وفعلت ما فعلت؟ قال فبكى إبليس فقال إنى فعلت بك ما تقول وأنزلتك هذه المنزلة. ويروى أن إبليس تصور لفرعون فى صورة الآدمين بمصر فى الحمام، فأنكره فرعون. فقال إبليس ويحك أما تعرفنى؟ قال لا..قال فكيف وأنت خلقتنى؟ ألست تقول وأنا ربكم الأعلى؟.. ويروى أن سليمان بن داود - عليهما السلام - سأل إبليس فقال أى الأعمال أحب إليك وأبغض إلى الله؟ قال لا شىء أبغض إلى الله وأحب إلى، من استغناء الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، يعنى اللواط والسحاق. ويروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال
" ما من آدمى إلا وقد عمل خطيئة أو هم بها، غير يحيى بن زكريا - عليهما السلام - "
ولقد قال يا رب ابعث إلى إبليس كما هو واعزم عليه ألا يكتمنى شيئا أسأله عنه، فأوحى الله - عز وجل - إلى إبليس أن آت عبدى يحيى بن زكريا كما أهبطت إلى الأرض، ولا تكتمه شيئا يسأل عنه. فأتاه فقال ليحيى أنا إبليس أمرنى ربى أن آتيك كما هبطت إلى الأرض ، فإذا على رأسه خطا طيف، وفى رجليه خلاخيل، فقال ما هذه الخطاطيف التى تطير على رأسك؟ قال أخطف بها عقول الرجال.
قال فما بال هذه الخلاخيل التى فى رجلك؟ قال أحركها لبنى آدم يغنى أو يغنى له. قال فأية ساعة أنت على حاجتك من بنى آدم أقدر؟ قال حين يمتلئ شبعا وريا. قال فهل وجدت على نفسى شيئا؟ قال لا إلا مرة قدم إليك طعامك ذات ليلية، وكنت صمت، فأشهيته لك حتى أكلت أكثر من عادتك، فنمت عن وردك وعبادتك. فقال لا جرم، إنى لا أشبع أبدا. قال إبليس إنى لا أنصح أبدا. وقيل لما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا فى جهازه، وخرج الناس وخلا الموضع، قال ابن عباس، قال على لما وضعته على المغسل إذا بهاتف يهتف بى من وراء البيت بأعلى صوته لا تغسلوا محمدا فإنه طاهر مطهر. قال فوقع فى قلبى شىء من ذلك، فقلت ويحك من أنت؟ فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بهذا وهذه سنته، وإذا بهاتف آخر يهتف بأعلى صوته، فاغسله فإن الهاتف الأول كان إبليس اللعين. حسد محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل ويدخل قبره مسغولا، قال على جزاك الله خيرا قد أخبرتنى أنه إبليس فمن أنت؟ قال أنا الخضر حضرت جنازة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويروى أن قوما من بنى إسرائيل تراءى لهم إبليس فقالوا له قف موقفك بين يدى الله تعالى، حسبما كنت تقف قبل أن عصيت ربك، قال إنك لا تطيقون رؤية ذلك، فألحوا عليه فوقف وقفة، فلما نظروا إليه وإلى خشوعه وخضوعه ماتوا عن آخرهم. ويروى أن رجلا كان يلعن إبليس كل يوم ألف مرة، فبينما هو ذات يوم نائم إذ أتاه شخص فأيقظه، فقال قم إن الجدار يريد أن يسقط، قال من أنت الذى أشفقت على هذه الشفقة؟ قال أنا إبليس. قال فكيف هذا وأنا ألعنك كل يوم ألف مرة؟ قال إنما عملت هذا لما علمت من محل الشهداء عند الله تعالى ، فخشيت أن تكون منهم فتنال ما ينالون.
[2.37]
{ فتلقى ءادم من ربه كلمات } تلقى تفعل من اللقاء، ألهمه الله سبحانه كلمات فى قلبه بلا وحى، فكان قد لقيهن وحضر معهن وأخذهن وقبلهن وفهمهن وعمل بهن إذ ذكرهن ودعا بهن. فلو لم يقبلهن وأعرض عنهن لكان كمن لم يلق شيئا. وقيل التلقى التعلم والتلقن، وذلك واحد، كقولك تلقيت المسافر. وقرأ ابن كثير بنصب آدم، ورفع كلمات، لأن المتلاقيين كل منهما لقى الآخر. فالكلمات جئن إلى آدم واستقبلنه حتى وصلنه. تقول تلقيت المسافر وتلقانى. والتلقى استقبال من جاء من بعد واستعماله فى آدم على قراءة الجمهور. وفى الكلمات على قراءة ابن كثير مجاز. وما ذكرته أولى من حمل قراءة ابن كثير على القلب. قال ابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن بن على ومجاهد وعكرمة تلك الكلمات هى ما حكى الله سبحانه وتعالى عنه
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
وعن ابن عباس فى رواية هن ما روى أن آدم عليه السلام قال يا رب ألم تخلقنى بيدك؟ قال بلى قال ألم تكن أسكنتنى الجنة؟ قال بلى، قال فلم أخرجتنى منها؟ قال بخطيئتك، قال يا رب أأنا أتيت شيئا ابتدعته من تلقاء نفسى، أو شيئا قدرته على قبل أن تخلقنى؟ قال بل قدرته عليك قبل أن أخلقك، قال يا رب كما قدرته على فاغفر لى. وروى الحاكم وصححه عن ابن عباس أن آدم قال يا رب ألم تخلقنى بيدك؟ قال بلى، قال يا رب ألم تنفخ فى الروح من روحك؟ قال بلى، قال يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال بلى، قال ألم تسكنى جنتك؟ قال بلى، قال يا رب إن تبت وأصلحت أراجعى أنت إلى الجنة؟ قال نعم. وراجعى اسم فاعل من رجع المتعدى ومضاف إليه هو المفعول مبتدأ أنت فاعل أغنى عن الخبر لاعتماده على الاستفهام أو خبر وأنت مبتدأ. وذكر الشيخ هود رحمه الله أنه قال يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت؟ قال أرجعك إلى الجنة . وقال محمد بن كعب القرظى هى قوله سبحانك لا إله إلا أنت سبحانك، وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسى فارحمنى، إنك أنت أرحم الراحمين. وقيل لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب عملت سوءا وظلمت نفسى، فاغفر لى فإنك أنت الغفور الرحيم. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربى علمت سوءا وظلمت نفسى فارحمى إنك أنت أرحم الراحمين. وقيل سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، لا إله إلا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. وقالت طائفة إن آدم رأى مكتوبا على ساق العرش، محمد رسول الله، فتشفع به فهى الكلمات.
صفحه نامشخص