حلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرها
والمحب هنا يعزل نفسه عن صفاتها، بأن ينظر، وكأنه بمثابة النظر لا الناظر، ويسمع ويعي وكأنه بمثابة السمع والوعي، لا السامع والواعي، ويتكلم وكأنه بمثابة الكلام لا المتكلم.
إنه مقام إشارة، إلى حق بلا خلق ... وحالة الجمع هذه هي الحالة التي قال فيها الصوفية، الكلمات الجريئة التي عرفت باسم «الشطح» التي هوجم التصوف والصوفية من أجلها، وتضرب الأمثال بكلمة أبي يزيد البسطامي «سبحاني» وبقول الحلاج: «أنا الحق.»
وقد قيل لشيخ الطائفة الجنيد: إن أبا يزيد يسرف في الكلام، فقال: وما بلغكم من إسرافه في كلامه؟ قالوا: سمعناه يقول: سبحاني، سبحاني، أنا ربي الأعلى!
فقال الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الإجلال، فنطق بما استهلكه لذهوله عن رؤيته إياه، فلم يشهد إلا الحق تعالى، فنعته فنطق به.
6
ويعتبر كبار الصوفية، مرحلة الجمع هذه، أدنى مما يجب أن يكون عليه الكمل من المحبين الذين يجب أن يتحققوا بما يسمونه «جمع الجمع» أو «صحو الجمع» أو «الفرق الثاني»!
وهي مرحلة تعقب مرحلة الجمع السابقة، ويجمع الصوفي فيها بين الجمع والفرق معا؛ لأنه لا بد للعبد منهما، فإن من لا تفرقة له لا عبودية له.
وحالة جمع الجمع هذه، حالة وعي وصحو وإدراك، مع بقاء المعرفة الصوفية ، التي كانت في حالة السكر، فلا يزول عن صاحب المقام إدراك الوحدة، إذا نظر إلى الكثرة، أو إدراك الكثرة إذا نظر إلى الوحدة.
وهذه حالة فيها جمع من وجه، وتفرقة من وجه، فالجمع باعتبار الشعور بالوحدة، والفرق لإدراك الخلق، وصور الكون كما هي.
ومن المتحققين بهذا المقام أبو القاسم الجنيد، ويقول في هذا المعنى:
صفحه نامشخص