حلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرها
ثم يقول: «أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نور أنور وأظهر من نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم، واسمه سبق القلم؛ لأنه كان قبل الأمم.»
ثم يقول: «العلوم كلها قطرة من بحره، الحكم كلها غرفة من نهره، الأزمان كلها ساعة من دهره.»
فرسول الله إذن في نظرية الحلاج هو أول تعين من تعينات الذات الإلهية، وعنه فاضت المخلوقات الأخرى، فهو أصل الوجود وعماده، ولولاه ما كان شمس ولا قمر، ولا نجوم ولا أنهار.
ولو لم يبعث محمد - صلوات الله عليه - كما يقول الحلاج، لم تكمل الحجة على جميع الخلق، وكان يرجو الكفار النجاة من النار.
وعن الحلاج تطورت هذه النظرية، على أيدي الصوفية، حاملة أسماء مختلفة، مثل الإنسان الكامل، أو القطب الباز، ولكن جوهر النظرية ظل كما وضعه الحلاج في القرن الثالث.
وقد أثرت هذه النظرية في توجيه المدائح النبوية، إلى تلك الصور التي تتسق مع هذه النظرية، فمداح الرسول عليه السلام يستقون - كما يقول ماسنيون - من معين الحلاج، وينسجون على منواله.
ومن المعارج والآفاق التي ابتكرها الحلاج وأضافها إلى المعرفة الصوفية قوله بوحدة الأديان؛ فهو يرى أن الأديان وجهات نظر إلى حقيقة واحدة؛ لأن أهل كل دين قد نظروا إلى الله نظرة تخالف نظر الآخرين، والجميع ينشدون شيئا واحدا، وهم في ذلك محقون؛ لأن الاختلاف لا بد أن يكون اختلافا في الأسماء والألقاب، والمقصود في الجميع لا يختلف.
وقد انبثقت من هذه النظرية نظرية حلاجية أخرى في الجبر؛ لأنه نتيجة طبيعية لهذه الوحدة.
فالحلاج يرى أن الله شغل بكل دين طائفة، لا اختيارا منهم، بل اختيارا عليهم، فمن لام أحدا ببطلان ما هو عليه، فقد حكم بأنه اختار ذلك لنفسه.
والجبر يقتضي الفرق بين الإرادة والأمر، والحلاج لهذا لا يقسو على إبليس بل يشفق عليه في رفضه السجود لآدم؛ لأن الله سبحانه أراد عدم السجود في الأزل، رغم الأمر بالسجود، وإبليس رأى أن هذا الأمر ظاهري فقط، وهو في حقيقته ابتلاء! والله وحده سبحانه هو الحقيق بالسجود له.
صفحه نامشخص